التشريع الإسلامي
التشريع الإسلامي
كان هدف التشريع الإسلامي دائمًا هو الإصلاح وإنشاء مجتمع قوي سليم، ويتكوَّن هذا التشريع من عنصرين: عنصر العبادات، ووقودها العقيدة، وعنصر المعاملات، وإذا افترضنا أن الدين يتألف من إيمان وإسلام، فإن الإيمان هو الجانب الاعتقادي النظري، بينما الجانب العملي فهو الإسلام.
والإيمان أساسه العقل لا العاطفة أو المنفعة، لذا نجد الآيات تدعونا للتفكُّر والبحث والسؤال، لكن لا يكفي العقل لاستقرار العقيدة، إذ لا بد من أن يطمئن القلب أيضًا، فالتسخُّط وعدم الرضا بما شرع الله ليس من الإيمان في شيء، يقول تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، أما الإسلام وهو ثمرة العقيدة في عمل المؤمن القلبي غير الظاهر، والحسي الظاهر، ويظهر في أخلاقه وإخلاصه ومحبته لله ورسوله، ويكون نتاج ذلك أن يُعلن المرء عقيدته بالشهادة، ومن ثم يعمل بها اتباعًا للأوامر واجتنابًا للنواهي، ومن ثم ينشر دعوته آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر.
والمرء بلا عقيدة ينبعث منها عمله لا يساوي شيئًا، وأثر العقيدة في حياة البشر لا تخطئه عين وإن تفاوت باختلاف قوة عقيدتهم وتمسكهم بها وتوغلها فيهم، فمنهم من يتفانى في عقيدته، وليس من مثال على ذلك أجلَّ من نبي الله محمد (ﷺ)، وهو يحمل هم الدعوة للعالمين جميعًا، توصد في وجهه الأبواب، ويعاديه قومه ويلقى الأذى منهم، فيتجه إلى الغريب فيلقى الأذى، فيعود من الطائف يشكو لله ضعف قوته، وقلة حيلته، وهوانه على الناس، ثم يقول: “إلم يكن بك عليَّ غضب فلا أُبالي”، يلقى كل ما يلقى في سبيل الله فلا يبالي لكل ذلك إن كان ربه عنه راضيًا، صورة خالصة للفناء في العقيدة، يرضى ويغضب لله، بل و يعيش ويموت لله سبحانه.
الفكرة من كتاب نظرات في الإسلام
من بين كل الحركات الدينية، والحركات الإصلاحية، كانت رسالة الإسلام هي الأكثر استقرارًا وتمكنًا من النفوس، والأكبر والأبعد أثرًا في المجتمعات، ودعوة الإسلام لما قامت فكأنها أنشأت الإنسان خلقًا آخر، وحوَّلته من حمية الجاهلية إلى حمية في الحق، واتحدت شخصية الداعي محمد (ﷺ)، ومنهاج الدعوة وطبيعتها، وطبيعة الأمة التي بُعث فيها النبي، اتحد كل ذلك بتدبير الله ورعايته ليتم الله لنا الدين، ويتم لنا رسالته، رسالة الفطرة والحق والإنسانية.
مؤلف كتاب نظرات في الإسلام
الدكتور محمد عبد الله دراز: إمام ومفكر مصري، ولد في محافظة كفر الشيخ عام 1894م، وهو من أسرة علمية عريقة، درس بالأزهر وحصل على الشهادة العالمية عام 1916، ابتُعِث إلى فرنسا في منحة علمية بجامعة السوربون، وحصل منها على درجة الدكتوراه في فلسفة الأديان، اشتغل بالتدريس في عدد من الجامعات المصرية، وكان عضوًا في جماعة كبار العلماء، كما كان عضوًا في اللجنة العليا لسياسة التعليم، وفي اللجنة الاستشارية الثقافية في الأزهر، وتُوفِّي عام 1958م.
ومن مؤلفاته:
النبأ العظيم، نظرات جديدة في القرآن.
الدين، بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان.
زاد المسلم للدين والحياة.