التربية الواعية والبحث عن نقطة التوازن
التربية الواعية والبحث عن نقطة التوازن
ما بين التربية الاستبدادية والبقاء غارقين بالتساهل المفرط لا بد من السعي إلى طريق آخر بديل، لأن الذين يريدون أن يطبقوا التربية الاستبدادية في هذا العصر هم في الحقيقة عتيقو العقلية، لأن شباب اليوم يسألون ويناقشون ويثورون، ودافعهم واحد هو اكتساب الاحترام، بينما الذين عانوا من الاستبدادية يريدون تطبيق التربية المتساهلة، فهؤلاء ينتقلون إلى النقيض، من التحكم إلى اللامبالاة الكلية، ومن القسوة المنافية للعقل إلى التجاهل الكامل، لذلك لا بد من “التوازن” وإيجاد نقطة وسط بين الاستبدادية والتساهل، وهذا التوازن يتطلَّب “الوعي”، فمن خلال الوعي نكون منتبهين ويقظين لئلا نذهب من تطرُّف إلى آخر، كما أن الوعي يتطلَّب منا بذل الجهد، والمراقبة بحذر لنعرف متى نقع فريسة إغراءات السلوكين المتطرفين، ومن ثمَّ الاختيار عن وعي نقطة التوازن.
إن التربية الواعية هي حصيلة المزج بين الأوجه الإيجابية للطريقتين المتضادتين، إلى جانب الوعي بمعنى التربية الحقيقية، ففي التربية الواعية نجد احترام الراشد للطفل، كما نجد احترام الطفل للراشد، وفيها يتخذ الأهل طريق السلطة المطعَّمة بالمسؤولية والوقار والاعتداد بالنفس، والطفل يعرف أنه محمي وآمن، وفي الوقت ذاته يشعر بأنه شخص يُحسب له حساب، فالأهل يرشدون الطفل أثناء عملية النضوج، مع الاحترام الكامل لفرادته والإقرار بحقِّه، كما أن مفهوم الحرية يتحوَّل دائمًا إلى التساهل في التربية، وبذلك سوف تتحوَّل الحرية إلى تحرُّر سلبي بالنسبة للطفل وللراشد افتقارًا إلى تحمل المسؤولية واتخاذ القرار!
وبناءً على ذلك فإن الطفل يحتاج إلى أهله في المقعد الأمامي وليس في المقعد الخلفي، فهما المسؤولان وهما اللذان يتخذان القرارات الصحيحة لأنهما من يمتلك النضج، بينما الطفل ليس عليه إلا مشاهدة والديه مستمتعًا بحياته يتحدث ويلعب مع إخوته أو جيرانه، إذ إن الذين يتساهلون ويتركون أطفالهم يقودون بينما هم يجلسون في المقعد الخلفي يشاهدون، مدَّعين أنهم يحترمون أطفالهم، لكن في الحقيقة هم يغسلون أيديهم من دورهم الأبوي وتحمل المسؤولية، وكل ما فعلوه أنهم قاموا بتبادل الأدوار، إذ أصبح الطفل راشدًا، بينما أصبحوا أطفالًا يستجيبون لما يريده طفلهم! معتقدين أنه بتأمين جميع أنواع الرفاهية لأبنائهم أنهم يؤدون دورهم الأبوي، وأنه لا داعي لفعل أي شيء آخر! فيجد الأطفال أنهم يواجهون عواصف الحياة وحدهم!
الفكرة من كتاب هل نربي أولادنا أم نفسدهم؟
روزا باروسيو: هي دكتورة متخصِّصة في العلاقات الإنسانية والتربية، ومدربة ومحاضرة في العديد من الدول منها: الولايات المتحدة والمكسيك وأوروبا وأمريكا الجنوبية وآسيا، لديها 30 سنة من الخبرة في مجال تربية الأولاد وتوجيه العائلات.
معلومات عن المترجمة:
آمال الأتات: كاتبة ومذيعة ومترجمة.
من مؤلفاتها:
العلاجات الطبيعية للحرقة ولارتداد أسيد المعدة.
أهم 365 نصيحة تحتاجها كل امرأة.
ومن ترجماتها:
أنقذوا الطفل في داخلكم.
اعمل أقل تنجح أكثر! الكسل هو سر النجاح.
هل نربي أولادنا أم نفسدهم؟