التربية الواعية
التربية الواعية
إن التربية الإيجابية السليمة تستلزم الوعي الكامل والمسؤولية المشتركة ما بين الرجل والمرأة، والأبناء يحتاجون إلى تفهُّم الطرفين، فحينما يتصرَّفون تصرُّفات غريبة يكون هناك دافع وراء هذا، وحتى نتمكَّن من حل المشكلات لا بد أن نحاول معرفة سبب أي سلوك خاطئ يقوم به الطفل، فمن ضمن الأخطاء الشائعة في التربية عدم الوعي الكامل بالدافع الذي يجعل الطفل يُخطئ! في حين أننا يجب أن نسأل أنفسنا لماذا فعل الطفل ذلك الخطأ؟ فقد يكون ذلك ناتجًا عن عدم قدرة الطفل على ضبط نفسه أو فقط لمجرد لفت الانتباه!
وأحيانًا يرتكب الطفل بعض التصرُّفات الخاطئة لكونه يحب أن يجرِّب الاعتماد على ذاته، ونحن بدورنا من المهم أن نسمح للطفل بأن يعتمد على نفسه، وأن نترك له مساحة الخطأ لأنه إذا أخطأ سوف يتعلَّم.
فأحيانًا يتعجَّب الوالدان من تفكيك الابن للألعاب وإتلافها على الفور، ويطلقون عليه طفلًا مخرِّبًا، بينما من الممكن أن يكون هذا الطفل من الذين يتمتَّعون بمهارات يدوية ويحتاج أن ينميها، لذا يحاول أن يفكِّك الأشياء ويغيِّر مظهرها، أو أحيانًا نجد طفلًا لديه صعوبة في الكلام ووالداه لا يتفهَّمان الأسباب، بينما يكون هذا الطفل خائفًا من شيء ما أو يحاول لفت الانتباه، وبخاصةٍ عند قدوم طفل آخر إلى البيت.
إن خطأ الآباء والأمهات يكمن في عدم تقبُّلهم لأخطاء أبنائهم، فهم يريدون طفلًا لا يخطئ، في حين أن الطفل يحتاج إلى تكرار النصائح والصبر، فالطفل هو أولى الناس بالرحمة واللين والسكون، وعلميًّا فإن الطفل يحتاج من شهر ونصف إلى شهرين حتى تتم عملية تغيير أي سلوك لديه، ومن أكثر الأمور التي يعانيها الوالدان، مشكلة الطفل العنيد ومشكلة قلة التحصيل الدراسي والتبوُّل اللاإرادي.
وهناك خطأ شائع كذلك وهو فرض الأوامر على الطفل طوال اليوم!
وهذا التصرُّف نابع من حب سلطة الوالدين وممارستهم للدكتاتورية مع أبنائهم، وبالطبع فإن النتيجة عكسية، حيث نجد الطفل يصرُّ على موقفه أكثر لأن الطفل يحب الحريَّة ويريد أن يثبت شخصيته، ويحب أن يكون له أداء خاص به متميز ولافت.
الفكرة من كتاب خطأ وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها
إن التربية السوية للأبناء هي مسؤولية الوالدين، فمن يزرع الخير في أبنائه سوف يحصده ولو بعد حين، ولكن حينما ينشأ الطفل على خلافات وتناقضات وأساليب قاسية في المعاملة، سينمو كل هذا الأذى بداخله حتى يكبر في المجتمع بشخصية هشَّة وغير متزنة، لذا على كل والد ووالدة أن يضعوا هدف التربية السليمة نصب أعينهم، وأن يكون غاية حلمهم هو النشأة الآمنة للأطفال.
قال النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم): “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته”.
مؤلف كتاب خطأ وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها
الدكتور ياسر نصر: حاصل على دكتوراه في الطب النفسي (كلية الطب – جامعة القاهرة)، مُدرِّب لمهارات الحياة الأسرية، واستشاري تربوي لبعض المدارس الخاصة، له العديد من الكتب العربية والمترجمة للفرنسية والإنجليزية، ومن مؤلفاته: “فن التعامل مع المراهقين”، و”طفلك والصلاة”، و”كيف تصنع طفلًا مميزًا؟”.