التربية الخاطئة
التربية الخاطئة
لن نتحدث عن التعاليم التي يجب علينا أتباعها لتربية صحيحة، حيث يجب علينا أولًا هدم الأصنام والخرافات التي تدعو إلى تربية سيئة وأجيال عديمة المسؤولية غير مبالية بما حولها.
وأولى هذه الخرافات أن يذهب الآباء والأمهات في طريق التضحية العمياء، يقولون: سنفني حياتنا لأجل أولادنا، سنموت سعيًا وشقاءً لأجل سعادتهم، والحقيقة أن سعادتهم لن تكتمل حين تهب لهم المال والسكن والمأكل وتجلس بجانبهم خائر القوى، أو تفنى صحَّتك فتهلك، لن تساعدهم هكذا، فالتضحية الوحيدة التي يريدونها هي وقتك ونصائحك ومشاعرك تسمعهم وتطمئنهم، وإذا لم تهبهم ما يحتاجونه ستتفاجأ بهم عند نضوجهم وقد أصبحوا أشخاصًا غير ماكنت تتمنَّى، فقد ربَّاهم كل شيء ما عدا أنت، ووقتها ستدرك أن حياتك التي ضحَّيت بها ضاعت هباءً ولم تكن التضحية الصحيحة.
أما عن الخطأ الثاني في التربية فهي رغبتك أن تحقِّق طموحاتك في أولادك فتردِّد لهم دائمًا أنك تريدهم أفضل منك ولا تفكِّر حتى هل سيكونون أسعد مني بطموحي الذي رسمته لهم؟ أم أن لهم رغبةً وحلمًا آخر، وإذا صمَّمت على رغبتك فلن تبني طبيبًا أو مهندسًا، بل ستبني مسخًا يحمل لقبًا لترضي نفسك فقط، وكان الأولى أن تشجِّعه على أن يكون نفسه ويكتشفها وتشجِّعه أن يحلم ويصل إلى ما يريد.
وثالث خطأ أن تلغي التواصل بينك وبين ابنك وتشتكي بعدها من أن ابنك لا يرضيه أي شيء، ولو كنت عاقلًا حقًّا لتقرَّبت منه بدلًا أن تشكوه.
أما عن رابع خرافة في التربية هي أن تزرع في بيتك الشجار والتوتر وتشيح بوجهك عندما يتحدث وترد عليه بلا مبالاة، ثم تشتكي من فساده وتنظر إلى نفسك ببراءة دون مراجعة لتصرُّفاتك، وخامس خطأ في التربية، وهو الأهم، أن تربِّيه على الخوف من الناس ولا تذكر له الله إلا قليلًا وبعدها تخبره أنك ربَّيته بما يرضي الله، وأنك لو كنت تريد تربيته حق التربية لربَّيته بأفعالك لا بأقوالك ولوجدك تطبيقًا حيًّا لأوامر الله على الأرض؛ فالابن يرى الدين من خلالك أنت فإن وجدته محسنًا أو مسيئًا اعلم بأنها الثمرة التي غرستها فيه.
الفكرة من كتاب أنبياء كذبة
يبدأ الإيمان بـ”لا إله إلا الله” وهي دعوى إنكار الألوهية ورفضها لأي إله سوى الله، أي أن الإيمان بالله يبدأ بالكفر بما سواه، وهو ما أدركه كريم الشاذلي بعد رحلة طويلة من الأمل ودعوة الناس للحلم؛ لكن عندما ظهرت نهاية الحلم وكانت فاسدة ومخيِّبة للآمال، اتُّهم الشاذلي بأن دعوته للتفاؤل كانت مضللة للناس، وبعد تفكير اكتشف خطأه وأقرَّ به، ومن هنا أدرك أنه لنبني واقعًا جميلًا يجب أن نهدم الأساس الفاسد، ولنؤمن بشيء تمام الإيمان يجب أن نكفر بما يعاكسه، إذن الكتاب دعوة للتحريض على رفض أخطاء سلبيات الواقع، فكما أن الخير له دعاة وأنبياء، الفساد أيضًا له رهبان وأنبياء يعرفون ثغرات النفوس ويغرسون الأفكار السلبية والفاسدة ويعطِّلون قدرتك على الانتقاد والرفض ويغلِّفون كل هذا برداء الدين، فقبل الحديث عن أي بداية أو خطوة جديدة، أو أمل وتفاؤل يجب علينا مواجهة أسباب فشلنا وضعفنا، ورفض من سرق منا الحلم وصمَّم على توريثنا الذل نحن ومن يأتي بعدنا وجعلنا جيلًا مسخًا.
مؤلف كتاب أنبياء كذبة
كريم الشاذلي: كاتب وإعلامي وباحث ومحاضر في مجال العلوم الإنسانية وتطوير الشخصية، استطاع في مدة قياسية أن يصل إلى أكثر من نصف مليون قارئ عربي من خلال 15 كتابًا مطبوعًا، وقد تُرجِمَت كتبه إلى العديد من اللغات، وقد تقلَّد منصب مدير عام دار أجيال للنشر والتوزيع، وأعطى محاضرات في جميع جامعات مصر، وحلَّ ضيفًا على كثير من البرامج التلفزيونية في الدول العربية.
من أبرز مؤلفاته: “امرأة من طراز خاص”، و”الإجابة الحب”، و”اصنع لنفسك ماركة”، و”جرعات من الحب”، و”أفكار صغيرة لحياة كبيرة”، و”إلى حبيبين”.