التربية الجنسية
التربية الجنسية
المُربِّي المسلم ليس قاصر الفكر والتطبيق في العملية التربوية، بل هو واسع شامل لأحكام الشريعة في التربية بنظرة معيارية، ومُواكِبة لأحداث الحياة، لكنه قد يقف عاجزًا أمام تعليم التربية الجنسية لأبنائهِ، ما أدى إلى ظهور مشكلات وانحرافات متعددة على الأبناء، نتيجة إهمال هذا الجانب التربوي المهم، لكن ما مفهوم التربية الجنسية؟
إن التربية الجنسية، كما ذكر الشيخ عبد الله ناصح، هي “تعليم الولد وتوعيته، ومصارحته منذ أن يعقل القضايا التي تتعلَّق بالجنس، وتتعلَّق بالغريزة، وتتصل بالزواج، حتى إذا شبَّ الولد وترعرع، وتفهَّم أمور الحياة عرف ما يحل وعرف ما يحرم”.
أي على المُربي وفقًا للشريعة الإسلامية، أن يقوم بتعليم الطفل ثقافة جنسية عامة وتطبيقية، حول الهرمونات والتغيرات المصاحبة لها عند البلوغ، وكذلك تكوين النطفة والبويضة وعلاقتهما معًا، ويعطي لأطفاله أحكام الحيض والاحتلام والطهارة ودخول الخلاء، كل ذلك بطريقة عملية، مع توضيح الحكم الشرعي تجاه كل سلوك، وكذلك الاحتشام وإخفاء زينة المرأة، وآداب الاستئذان والفصل بين الأبناء عند إتمام عشر سنوات، فالطفل قد يستوعب الحُكم بشكل نظري، لكنه يريد تطبيقًا عمليًّا كي يفعله.
والمعنيون بمسؤولية التربية الجنسية للأبناء هم: الوالدان، والمدرسة، والمجتمع، والإعلام، فكلهم رعاة مسؤولون عن ذلك، كما جاء في قول الله (عز وجل): ﴿وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ﴾، فبالتالي الكل مُحاسب أمام الله عن ذلك، ولكي تنجح التربية الجنسية لا بد من تكاتف جميع الجهات المعنية بهذه المسؤولية، كي لا يهدموا بعضهم بعضًا، وبخاصةٍ وسائل الإعلام من أجل الصالح العام، مع مراعاة الضوابط الشرعية وقيم المجتمع، فمؤخرًا أقرَّت فئات كثيرة من المجتمع بضرورة تعليم التربية الجنسية للأبناء، سواء داخل مجال التربية والتعليم وخارجها.
والقليل من رجالِ الدينيضعون أمام أعينهم عدة أهداف لأجل تحقيق التربية الجنسية الصحيحة، ومنها: التوعية من أجل الصلاح بالآثار السلبية مثل الأمراض الجنسية، والسعي إلى غرس الفضيلة في تكوينهم، والتربية من أجل القضاء على الفجور، ومنع البغاء والزنا، وتقليل حالات الطلاق، وبناء اتجاه جنسي سليم تبعًا للشريعة.
الفكرة من كتاب التربية الجنسية للأطفال والمراهقين
الإعداد للمشروع أهم من المشروع نفسه، وإذا وصفنا بناء الأسرة بمشروع، فهو مشروع سامٍ ومهم جدًّا، لذا فالإعداد له يحتاج إلى رُقِيٍّ في الترتيب والإعداد.
أن تكُوِّن أسرة.. يعني تنشئة جيل سليم النفس والخُلق، وإعدادك إياهم تربويًّا يجب أن يكون تطبيقيًّا شاملًا من نواحٍ عديدة، منها: الاجتماعية والنفسية والدينية والجنسية، ولأننا جميعًا نهتم بنواحٍ كثيرة ونهمل جانبًا مهمًّا، هو في الغالب التربية الجنسية، حتى سَبَّب لنا مشكلات جنسية عدة عند أبنائنا، ما حفَّز الكثير من المُربين والوالدين إلى إعداد أنفسهم كي يتعاملوا مع هذه المشاكل، كما أن العملية التربوية تحتاج إلى وعي زائد حول المجتمع والزمان.
لذا فإننا اليوم سنطرح في هذا الكتاب نقاط مهمة عدة كي نتجنَّب المشكلات من البداية، “فالوقاية خيرٌ من العلاج”، فقد تنقَّل الكاتبان حول أفكار كثيرة منها: مفهوم التربية الجنسية، وأهدافها، ومن المسؤول عن القيام بالتربية الجنسية، وما السن المناسبة لأطفالنا كي نربيهم على ذلك، وكيف آلت بنا الحياة إلى هذا الكَمِّ من الانحرافات الجنسية عند الأطفال والمراهقين!
مؤلف كتاب التربية الجنسية للأطفال والمراهقين
أحمد عبد الكريم: باحث وكاتب، وحاصل على دكتوراه في الإرشاد النفسي جامعة عين شمس.
محمد أحمد خطاب: باحث وكاتب، وحاصل على دكتوراه فلسفة في دراسات الطفولة جامعة عين شمس.