التراث الإسلامي.. مراجعة نقدية
التراث الإسلامي.. مراجعة نقدية
لا شك أن على المسلمين في أي زمان ومكان ألا ينفصلوا عن تراثهم الحضاري والفكري الذي توصَّل إليه المسلمون الأُول بنظر وتدبُّر في الوحي والكون، وإسلامية المعرفة، لذلك لا تبدأ من الصفر، بل تنطلق من هذا التراث صوب المُعاصرَة، كما تنطلق من الواقع صوب الماضي، ولكن لا يعني ذلك قَبول التراث قبولًا كاملًا، فما هو إلا نابع من اجتهاد بشري يصيب ويخطئ، كما أنه هو الآخر فيه ما يغاير التصوُّر الإسلامي كليةً، وفيه ما يخلط بين الإسلامي وغيره، كما أن فيه ما لا يصلح سوى لعصره؛ وتبقى قيمته الوحيدة في أهميته التاريخية.
إن المسلمين كغيرهم تأثَّروا في فترات من تاريخهم بالفلسفة والمنطق اليوناني والروماني، فأنتجوا علومًا وأفكارًا متأثرة بهما، لا بنبع الوحي الصافي؛ لذلك لا بدَّ من وضع آليات وضوابط للتعامل مع التراث الإسلامي تُمكِّن من تمييز ما هو إسلامي أصيل عما هو يوناني أو فارسي أو نصراني دخيل، مع تقدير مدى تأثير هذه الرؤى الدخيلة في أطروحات هؤلاء المفكرين المسلمين، وهذه خطوة أولية تحتاج إلى تكاتف الجهود البحثية والتخصُّصية لوضع هذه المؤشرات في التعامل مع التراث وتصنيفه وبيان غثِّه من ثمينه، قبل أن يخلو كل فريق متخصِّص بفحص تراثه العلمي للاستفادة منه في أسلمة معرفته.
كما تهدف هذه المراجعة النقدية بعد ترتيب وتبويب كتب التراث في كل مجال حسب قيمتها العلمية والموضوعات التي تدرسها، إلى إعادة الاعتبار إلى المصادر التراثية الأساسية ودورها في حركة العلم والمعرفة والحضارة، كأمثال ابن خلدون الذي أسهمت مقدِّمته في تأسيس علم العمران أو علم الاجتماع حسب التسمية الغربية، والطبري الذي شكَّلت مؤلفاته ثراءً كبيرًا في التأريخ البشري، والبحث عن نحوهما في الاقتصاد والقانون والتربية، وغيرها، كما تستهدف هذه المراجعة تخليص التراث من الاستخدامات الانتقائية له، التي تهدف في النهاية إلى تشويه صورته، أو مجرد اتخاذه كأداة تبريرية للقوانين العلمية العربية.
الفكرة من كتاب مدخل إلى إسلامية المعرفة
يناقش هذا الكتاب- صغير الحجم كبير الفائدة- مفهوم ومشروع إسلامية المعرفة لا من جانب خطواته وإجراءاته وتعريفاته، ولكن من جانب ضروراته وإمكاناته، فهو بمثابة صرخة للمثقفين والطلاب المسلمين من قراء العربية نحو التعرُّف على هذا المشروع لا بوصفه مجرد تيار علمي عليهم متابعة إنجازه، ولكن على أنه ضرورة حضارية وعلمية وثقافية وشرعية يفرضها الواقع والدين لانتشال المسلمين من وطأة واقعهم المتأخر فكريًّا وحضاريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا ومعرفيًّا إلى رحابة وفاعلية الإيمان في تغيير الفكر والواقع.
مؤلف كتاب مدخل إلى إسلامية المعرفة
عماد الدين خليل، مؤرِّخ إسلامي واسع الاهتمامات، وُلِدَ في العراق عام 1941، واشتغل في المجال الأكاديمي والعلمي بقدر ما انهمك في التأليف والبحث العلمي، فهو يُدرِّس منذ لحظة تعيينه مُعيدًا في كلية الآداب جامعة الموصل عام 1966 إلى وقتنا الراهن؛ حيث قام بالتدريس في العديد من جامعات العالم الإسلامي منها: كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة اليرموك بالأردن، وكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي.
له العديد من المؤلفات في التاريخ ومناهجه، والأدب والمسرح والشعر والرواية، ومنها على سبيل المثال: “دراسة في السيرة”، و”التفسير الإسلامي للتاريخ”، و”نور الدين محمود: الرجل والتجربة”، و”في التاريخ الإسلامي: فصول في المنهج والتحليل المكتب الإسلامي”، و”ابن خلدون إسلاميًّا”، و”القرآن الكريم من منظور غربي”، و”المرأة والأسرة المسلمة من منظور غربي”، و”مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي”.