التخطيط الاستراتيجي وما يَعوقُه
التخطيط الاستراتيجي وما يَعوقُه
تتمتَّع أعمال النضال العفوية بمزايا إيجابية عديدة مثل الاندفاعية والتحركات السريعة على مستوى جماهيري واسع، لكن افتقارها إلى التخطيط جعل مزاياها في مهبِّ الريح، ففي غياب التخطيط الاستراتيجي الذي ينظم فعاليات النضال الجماهيري يكون ذلك النضال مهددًا بالفشل المبدئي؛ من خلال ردة فعل قاسية من النظام الأمني باعتقالات تعسُّفية أو قتل، أو مهددًا بالفشل فيما بعد عن طريق غياب الوعي اللازم بالخطوات المستقبلية بعد إزاحة الدكتاتور، فتنشأ دكتاتورية جديدة أكثر ظلمًا وأشد عسفًا من مثيلتها.
لذلك يُعدُّّ (التخطيط الاستراتيجي) بمفهومه الشامل هو طوْق نجاة للمقاومة الجماهيرية، فمعنى التخطيط الاستراتيجي هو تقييم شامل للأسباب والنتائج المتوقعة وتحديد خطط بديلة تتناسب مع الأوضاع والظروف المختلفة التي ستؤثر في حيوية النضال ونجاحه من عدمه، كذلك يهدف التخطيط إلى عمل تصور عام وتفصيلي لكيفية ترسيخ نظام ديمقراطي حر جديد وضمان عدم الرِدَّة إلى النظام السابق، ولا يُتخيَّل أي أسلوب تفكير وتخطيط دون معوقات أحيانًا تحول دون التطبيق الحقيقي على أرض الواقع، فما معوقات التخطيط الاستراتيجي؟
يتمثَّل أول عائق في اقتناع الناس الوهمي بعدم الحاجة من الأساس إلى خطة وخطة بديلة لنقص الوعي والإدراك تارةً والخبرة والتدريب تارةً أخرى، لذا لا يدرك الناس أهمية التخطيط في الحفاظ على ثمرات النضال من الضياع، والعائق الثاني هو الملاحقات الأمنية والاعتقالات للقادة المسؤولين عن التفكير والتخطيط المستقبلي للأحداث فلا يجدون وقتًا ولا أمنًا للقيام بذلك، والعائق الثالث هو عدم الصبر على التخطيط بعيد الأمد، فلا يطيق الناس التحدث عن الأهداف المتوقعة بعد خمس أو عشر سنوات ويأخذ التفكير منحنى آخر متسرعًا يُفضي في النهاية إلى فشل ذريع، والعائق الرابع هو التسرع في سَلوك كل الطرق والأحداث في آنٍ واحد، وهذا يبدو واضحًا أثره في النضال العفوي، فلا يتم تحديد نقطة بدء أو طريق عام به العديد من المحطات التي يجب عبورها الواحدة تلو الأخرى، فهناك كثير من العوائق التي تهدِّد أي تحرك ديمقراطي بالفشل، لذلك فمن الأهمية المُطلقة وضع الخطة الاستراتيجية المناسبة ومحاولة التغلُّب على معوقاتها قدر الإمكان.
الفكرة من كتاب من الدكتاتورية إلى الديمقراطية
رغم الإحصائيات الكثيرة عن عدد الدول التي يمكن وصفها بأنها حُرَّة؛ وأن العدد تزايد زيادة ملحوظة في السنوات العشر الأخيرة، فما زالت هناك شعوب كثيرة تعيش أسيرة تحت مظلَّة الظلم والفساد.
يتحدث الكاتب عن الأنظمة الدكتاتورية وآثارها السلبية في المجتمعات، ويضع تصورًا كاملًا لكيفية الخلاص منها ومعارضة الاضطهاد والتشجيع على الحريات، مُبينًا الطريق إلى ذلك وما يجب فعله من تخطيط ونضال سِلمي يبتعد كثيرًا عن العنف، محذرًا من مرحلة ما بعد الانتصار، فتلك المرحلة هي أكثر الأوقات التي تتعرَّض فيها الشعوب للنكسة والهزيمة.
مؤلف كتاب من الدكتاتورية إلى الديمقراطية
چين شارب: أستاذ العلوم السياسية، ولد عام ١٩٢٨ بولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، حصل على دكتوراه في الفلسفة وعلم الاجتماع، وارتبط اسمه بالكتابة والتأليف في الموضوعات الخاصة بالكفاح السلمي، وتوفي عام ٢٠١٨، ومن مؤلفاته:
ضد الانقلاب.
حرب اللاعنف.
البدائل السياسية.
القوة الاجتماعية والحرية السياسية.