التحوُّل العظيم
التحوُّل العظيم
واجه الدكتور البَهي كثيرًا من المشقة بسبب الإشاعات الكاذبة، وإساءة الظنون، واعتراض البعض عليه لعدم اتفاق رغباتهم الشخصية ومصالحهم معه، وكان لشيخ الأزهر محمود شلتوت موقف منه، بسبب المكافأة التي صرفها الشيخ لنفسه بينما كان أحد المشايخ أولى بها دونه، فأمر البهي بوقف صرفها ثم أرسل إلى الرئاسة طلبًا بصرف مكافأة لكل العاملين بالمجمع تُطبق من العام المالي الجديد، فرأى الشيخ أن البهي أراد أن يمنع عنه مستحقاته في تطاول من الوزارة على مؤسسة الأزهر الشريف، فاعتكف بمنزله اعتراضًا على سياساته، حتى توفاه الله عام 1963، وقد أرسل قبلها إلى الرئيس ورئاسة الوزراء شكاوى في الدكتور البهي، لكنَّ ردَّ المسؤولين كان في صف الأخير، ولم تكن تلك المشكلات تواجهه مع مؤسسة الأزهر وحسب، وإنما في الجامعة كذلك، من الوشايات والإيقاع بينه وبين الموظفين، وبين وكيل الأزهر.
وفي مارس عام 1964 صدر قرار رئاسي بالتعديلات الوزارية، وكان الدكتور البهي ممن استبعدوا من الوزارة، وعين مديرًا لجامعة الأزهر مرة أخرى، وبعد هذا التعديل أعلن الرئيس عن “التحوُّل العظيم” في الاشتراكية، تلا ذلك كثير من الإجراءات والقوانين لخدمة هذا التوجه، برعاية روسيا التي كان من شروطها قبل زيارة خروتشوف لمصر، الإفراج عن المعتقلين الشيوعيين وتقليدهم مناصب إعلامية، وتجميد النشاط الإسلامي، ما يعني وقف المشاريع الإسلامية التي خططتها وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر، وقد قامت الوزارة الجديدة بالفعل بتتبُّع كل أعمال الدكتور البهي لإيقافها، ومن ذلك دار القرآن، وإلغاء مساكن الأئمة بعد أن صُرف لتنفيذها 750 ألف جنيه، وإلغاء مشروع ضم الأئمة إلى مدرسي الأزهر في كادر واحد، وكثير من المشاريع التي لو تمت لجعلت علماء الأزهر في الريادة.
الفكرة من كتاب حياتي في رحاب الأزهر.. طالب وأستاذ ووزير
يأخذنا هذا الكتاب في حياة عالم ومفكر ووزير، بدءًا من كُتَّاب قريته في مصر، إلى ألمانيا ثم العودة والتدريس، ثم توليه إدارة جامعة الأزهر ثم الوزارة وانتهاءً بالعزلة، عاصر الملكية، والحرب العالمية الثانية، وثورة 52 والتغيرات الكبيرة التي حدثت في مصر بعدها، حياة رجل عُرف بشدَّته لأنه لم يكن يحابي أحدًا، وتعرض للعزلة بسبب مواقفه من الشيوعية، وهُدِّد فلم يزده ذلك إلا ثباتًا وقوة في الحق.
مؤلف كتاب حياتي في رحاب الأزهر.. طالب وأستاذ ووزير
د. محمد البَهي: أستاذ جامعي ومفكر ومؤلف مصري، ووزير سابق، ولد عام 1905، تخرج في قسم البلاغة والأدب في الأزهر، حصل على الدكتوراه في الفلسفة وعلم النفس في ألمانيا، درَّس الفلسفة وعلم النفس في عدد من الجامعات المصرية، وكان أستاذًا زائرًا في عدد من الدول العربية والأجنبية، عُيِّن مديرًا لجامعة الأزهر، ثم وزيرًا للأوقاف وشؤون الأزهر، وتوفي في العاشر من سبتمبر عام 1982.
له العديد من الكتب في الفلسفة الإسلامية، والعقيدة، والسلوك، والمجتمع والفكر الإسلامي، وتفسير القرآن الكريم، وقد قاربت مؤلفاته السبعين كتابًا ورسالة، من أبرزها:
الدين والدولة من توجيه القرآن الكريم.
الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي.
الإسلام في حل مشاكل المجتمعات الإسلامية المعاصرة.
طبقية المجتمع الأوروبي، وانعكاس آثارها على المجتمع الإسلامي المعاصر.