التحكُّم في الغريزة
التحكُّم في الغريزة
إن الحياة على الأرض إذا خلت من المتعة كانت حياة جافة وقاسية، لذلك أحاط الله (عز وجل) كل أسباب البقاء بالسعادة والمتعة، وعلى رأس أسباب البقاء العلاقة الزوجية وما تتضمَّنه من لذة جنسية، لكن خير وسيلة لحفظ أجسامنا من المرض هو امتناعنا عن طلب هذه اللذة الجنسية قبل الزواج من أية وسيلة كانت، لأن الاستسلام لكل فرصة سانحة للفعل الجنسي تفقد الإنسان إرادته، وشخصيته المبنية على هذه الإرادة، كما أن من يندفع مع غريزته الجنسية، لا يرى الأشياء إلا من منظار غريزي، فالشك يلازمه في كل نقاء وصفاء وطُهر! إذ نرى عددًا من الشباب ينظر إلى النساء العفيفات بعين الشك والريبة بسبب الانسياق وراء ملذاته الجنسية قبل الزواج، أما الذي بقى طاهرًا حتى الزواج، فنجد أنه يتعوَّد على احترام المرأة ويثق فيها، إذ يحترم فيها أنها شريكة حياته وأم أبنائه.
قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾، لذلك فإن أهم مشكلات الزواج وصعوباته تنجم عن التسرع في اختيار شريك أو شريكة الحياة دون بحث أو تدقيق، فكم من الشباب سارع بالزواج من فتاة بسبب سحر جمالها، فقاسى الويلات معها، ومثل ذلك تسرُّع الفتيات بالزواج من شاب بسبب سحر المال، فعاشت في ذلٍّ، بدلًا من العيش في سعادة وسكينة! لذلك حضَّ الإسلام على حسن اختيار الزوج أو الزوجة من ذوي الإخلاص والصلاح والدين والعفة، كما لم يشترط الإسلام الكفاءة إلا في الصلاح، قال تعالى: ﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾، والصلاح هنا هو الدين وحسن الخلق، كما لم يشترط الإسلام الغنى المادي في أيٍّ من الزوجين، بل وعد الله الفقراء بأن يغنيهم في الزواج، قال تعالى: ﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾، كما جاء في الحديث الشريف: “إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض”، وقال (صلى الله عليه وسلم): “تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”.
الفكرة من كتاب تحفة العروس.. أو الزواج الإسلامي السعيد
إن الحياة الزوجية فن جميل ومهم، قلَّ من يعرفه، لذلك تحدث المشكلات والأزمات بين الزوجين نتيجة الجهل بهذا الفن الذي يعدُّ عبادة مقدَّسة، ولا يقف الأمر عند حد الجهل، بل يتعدَّاه إلى تسميم الجو بالكتب الجنسية التي ليس لها غاية إلا نشر بذور الانحراف لتضليل الشباب والفتيات باسم تعليمهم الزواج، ما أدَّى إلى سلوك طريق الغواية والرذيلة، وبناءً على ذلك يعرض الكاتب فن الزواج حسب ما خطَّط له الإسلام، إذ إن الإسلام أولى الأسرة اهتمامًا عظيمًا، ورسم لها كل ما يكفل سعادتها ويسهِّل مهامها، كما خطَّط لكل من الزوج والزوجة حقوقًا وواجبات، فلا ينازع أحدهما الآخر في حقوقه، ولا يهمل واجباته، وإذا وقع نزاع سارعا إلى كتاب الله وسنَّة رسوله لإزالة الخلاف، فتستقر الأسرة وتنعم بالاستقرار.
مؤلف كتاب تحفة العروس.. أو الزواج الإسلامي السعيد
محمود مهدي الإستانبولي: عالم وباحث وتربوي سوري، درس العلوم الإسلامية، قال عنه الشيخ علي الطنطاوي إنه من أركان التربية في الشام، له العديد من المؤلفات، منها:
كيف نربي أطفالنا؟
كتب ليست من الإسلام.
على هامش التربية الإسلامية.
عبقرية الإسلام في التربية.
مشكلات الغرب وكيف يحلها الإسلام.
عظمة الإسلام.
دفاع عن الإسلام.
بيني وبين المبشرين.
مذكرات عن الحج.
الرد على مفتريات الشيوعية.
المنهج الإسلامي الجديد في التربية.
السبيل إلى أسرة أفضل.