التجربة التلفزيونية
التجربة التلفزيونية
وُجد أن الاهتمام بتأثيرات التلفزيون في الأطفال ينحصر في مضمون البرامج التي يشاهدونها، وإذا كانت برامج العنف تجعل سلوك الأطفال أكثر عدوانية أم إذا كانت إعلانات التلفزيون تهيئ الأطفال لأن يكونوا طماعين وماديين؟ ونادرًا ما يؤخد جوهر التجربة التلفزيونية ذاتها بعين الاعتبار، وإغفال حقيقة أن البرنامج الذي تشاهده سواء كان عدائيًّا أو نموذجيًّا، فهناك تشابه في تجربة المشاهدة التلفزيونية كلها، حيث تستجيب آليات فسيولوجية معينة في العينين والأذنين والدماغ للمثيرات المنبعثة من شاشة التلفزيون بصرف النظر عن مضمون البرنامج.
ووُجِد في أدقِّ الدراسات أن أطفال ما قبل المدرسة في أمريكا يمضون أكثر من ثُلث ساعات يقظتهم في مشاهدة التلفزيون، فما تأثيرات هذه الساعات في هذا الكائن البشري الحساس؟ وكيف تؤثر هذه التجربة مثلًا في تطوُّر الخيال أو الإبداع؟ هل تغير إدراك الطفل للواقع نتيجة للتعرُّض المستمر للمواد التلفزيونية غير الواقعية؟ ما الذي يحدث للحياة الأسرية نتيجة اندماج أفرادها مع التلفزيون؟ ووُجد أن كل الجهود المبذولة لجعل التلفزيون أكثر جاذبية للآباء والأطفال عن طريق تطوير البرامج، لا يمكن أن تؤدي إلا إلى اعتماد الآباء المتزايد على التلفزيون فقط كجليسة للطفل، وإلى زيادة عبودية الأطفال للتلفزيون.
لكن الأوصاف التي تعبِّر بها الأمهات عن سلوك أطفالهن نادرًا ما تؤيِّد كون مشاهدة التلفزيون نشاطًا عقليًّا، حيث تصف الأمهات دائمًا الغشية التي تستحوذ على أطفالهم أثناء المشاهدة، حيث يرتخي الفك، ويستقرُّ اللسان فوق الأسنان الأمامية، ولا يخرجهم من حالتهم هذه إلا حاجتهم للذهاب إلى الحمام، أو عرض أحد الإعلانات، فهل كل هذا يعكس تركيزًا أم ذهولًا! لكن كيف يسبِّب نشاطٌ يتطلَّب تركيزًا ذهنيًّا قويًّا الاسترخاء؟ ومن المطمئن في كل هذا أن القلق المنتشر بين الآباء بشأن سلبية تجربة أطفالهم التلفزيونية قد يحمل قيمة بقاء للطفل، فحدَّة الطبع التي تعقب المشاهدة كانت إشارة مهمَّة للآباء، وتثير حدَّة الطبع التي تعقب المشاهدة التلفزيونية سؤالًا مقلقًا على الخصوص: ما إذن الحالة الشعورية للطفل أثناء مشاهدة التلفزيون التي تجعله حاد الطبع بعد الخروج منها؟ وهل من الممكن أن تكون هذه التجربة مخدرًا بالنسبة له؟ فهي إذن يمكن أن تصبح إدمانًا أيضًا!
الفكرة من كتاب الأطفال والإدمان التلفزيوني
قد يظن بعض الناس أن مجرد التعلُّق بمشاهدة التلفزيون عادة أو سلوك لا نقف أمامه بالدراسة أو البحث أو حتى التساؤل، ولكن لو علموا المشاكل التي قد يسبِّبها إدمان التلفزيون على الإنسان بعامة والطفل بخاصة سواء نفسيًّا أو اجتماعيًّا، لأدركوا ضرورة البحث عن علاج لهذا الإدمان، لذا يحاول الكاتب عرض الآثار السلبية لمشاهدة التلفاز على الطفل والعائلة، ويتساءل هل يمكن التخلُّص منه بكل سهولة؟
مؤلف كتاب الأطفال والإدمان التلفزيوني
ماري وين: عالمة حيوانات أمريكية، لها العديد من المؤلفات، منها:
The Plug in Drug.
Children without childhood.
المترجم: عبدالفتاح الصبحي