التبجُّح والتعصُّب
التبجُّح والتعصُّب
قد تظهر على الطفل بعض التصرُّفات المزعجة التي تنم عن وجود مشكلة داخلية عويصة، منها مشكلة التبجُّح، حيث إن البعض يتفوَّه بكلمات لا تتناسب مع عمره، فالتبجُّح والفخر يتمثَّلان في السعي الحثيث من أجل قول كلام كاذب وغير معقول في موضع يصدقه الناس، فالشخص المتبجِّح يظن أن الناس مغفلون وجاهلون بما يقول، فقد نرى شخًصا يتبجَّح ويطرح حوادث تثير دهشة وتعجب الناس، أو يقوم بمدح نفسه فيما يقوم به من أعمال خرافية لا تدخل العقل! والطفل المفاخر هذا قد يعاني عللًا داخلية، فيكون تفاخره كالسبب الذي يجلب به اهتمام الآخرين، كما أن هذه الصفة لا تقتصر على الأطفال فقط، بل يكون في كبار العمر أيضًا.
ومن صفات المتفاخرين المبالغة في القول وكثرة الكلام والجدالات، وبعض العلماء فسَّروا هذا التصرُّف بأنه هروب من الواقع ووسيلة دفاعية للفرار من الحقائق، فعلى الرغم من مظهرهم الظاهري الموحي بالغرور هم يشعرون بالخجل والحياء في باطنهم بسبب زيفهم، لأنهم ربما عانوا من أسر لا مبالية وفاقدة للحنان أو ربما تعرَّضوا لمكانة منبوذة في المجتمع، وهذا الطفل يعيش في عالم الخيال، مما قد يسبِّب له الاضطراب، فإذا لاقى التشجيع والدعم والاندهاش مقابل كلامه قد يتمادى في هذا، لذا يجب معالجة الموضوع، وتذكير الطفل بعدم جواز ذلك في الدين وتذكيره بالعواقب وتوبيخه إن لزم الأمر.
أمَّا التعصب فللوهلة الأولى قد تعتقد أنها صفة لكبار العمر، ولكنها أيضًا تصيب الأطفال، فالتعصب هو الدفاعية والتأييد والنظر إلى ما يخالف نظرة الشخص باستحقار واستخفاف، وهؤلاء أشخاص يظهرون كراهيتهم للآخرين ويحسُّون بالتفوق ويكنون العداء للغير، فالتعصُّب يكون في العنصر والجنس والعائلة ولون البشرة والجمال، وقد ينشأ التعصب بسبب تقليد أعمى للأصدقاء والمجتمع أو تقليد للأفلام وغيرها، وفي حالة التصعُّب فإنه وللأسف سوف يفقد الإنسان حب الآخرين له، ولا نقول إن كل التصعُّب سيئ، بل هناك قيم لا بد للطفل أن يتعلم الدفاع عنها وحمايتها وهي الأساليب البناءة الهادفة، المهم ألا يكون الإنسان ذا سلوك خشن وطباع متعالية.
الفكرة من كتاب الأسرة والمشاكل الأخلاقيَّة للطفل
لقد ركَّزت الدعوة الإسلامية على الأخلاق والقيم والترفُّع عن الرذائل، وباعتبار أن الأسرة هي الدعامة الأساسية للمجتمع المسلم، فقد كان عليها الدور الرئيس في غرس الأخلاق الفاضلة للشخص منذ طفولته، وفي هذا الكتاب سيحدِّثنا الكاتب عن أخطر الصفات التي من الممكن أن يتصف بها الأطفال والعلل المتسبِّبة فيها وكيفية معالجتها.
مؤلف كتاب الأسرة والمشاكل الأخلاقيَّة للطفل
علي القائمي: كاتب إيراني مهتم بمجال التربية السوية ومجالات علم النفس، وله العديد من المؤلفات الرائعة فيما يخصُّ الاضطرابات النفسية وتنمية المشاعر الداخلية الصحية لدى الأطفال والشباب.
من مؤلفاته: “أسس التربية”، و”الوسواس والهواجس النفسية“، و”دُنيا الفتيات المراهقات”.