التبادل التجاري
التبادل التجاري
كان المزارعون يذهبون إلى السوق ويستبدلون المنتجات التي يصنعها الحرفيون والبدو بمحاصيلهم، وكان البدو منعزلين عن عنيزة ويقيمون خارج حدودها، بينما كان الحرفيون جزءًا من المجتمع المحلي، وكان معظم الحرفيين يمارسون مهامهم داخل حوانيتهم في السوق، ولم تكن السوق مركزًا تجاريًّا فقط، بل كانت مركزًا اجتماعيًّا للرجال، حيث يلتقي الأصحاب والأقارب والجيران، ويتناقلون المعلومات، كما كانت مركزًا سياسيًّا، حيث ساحة المجلس والمسجد الكبير.
وكانت في السوق ساحة مخصصة لبيع السلع المتعلقة بقوافل الجمال، إذ لم تكن جميع الأنشطة تُمارس داخل عنيزة، فالكثير من رجال عنيزة كانوا يضطرون إلى نقل البضائع على الإبل من المناطق البعيدة لبيعها في سوق عنيزة ولتجار بريدة، وكان هؤلاء الرجال يسمون بالجماميل، لكل منهم أسطول من الجمال، يتراوح عددهم بين أربعين ومئة وأربعين جملًا، وكانت إناث الجمال لا تلد بسبب العمل الدائم، لذا لا يستطيع الجمال أن يستبدل بجماله جمالًا أصغر، وكان يحصل عليهم عن طريق البضاعة، إذ كان التاجر يشتري الجمل، ويعهد به إلى الجمال، الذي يسافر به حتى تغطي النقود التي يحصل عليها من نقل البضائع ثمن الجمل، فيصبح حينها شريكًا في ملكية الجمل بالتساوي مع التاجر، فإذا أرادا أن ينهيا العلاقة، يُعرض الجمل للبيع ويقسم المبلغ الذي بيع به مناصفة.
أما إذا أراد طرف واحد أن ينهي العلاقة يدفع الطرف الآخر نصف القيمة السوقية للجمل، وكان معظم الجماميل ينقلون السلع لحساب التجار، ويصطحبون مجموعة من الصبيان لتحميل الجمال بالبضائع وإنزالها، كما يرافقهم راعٍ من البدو ليرعى الجمال، وكان الأمير هو من يقوم بالتنسيق بين أوقات رحيلهم، وكانوا يدفعون بعض المال للقبائل البدوية التي تسير القوافل على أراضيها، كما كانوا يعتمدون على شرف شيخ القبيلة الذي يعطيهم إذن المرور حتى يتجنبوا خطر الإغارة. وبينما كان الجماميل يستوردون البضائع من المناطق البعيدة، كان العقيلات يُصدرون، والعقيلات تعني جماعة من الناس متخصصة في شراء الحيوانات من شبه الجزيرة العربية وبيعها في أجزاء أخرى من العالم العربي والهند.
الفكرة من كتاب عنيزة: التنمية والتغيير في مدينة نجدية عربية
عند ذكر تاريخ المملكة العربية السعودية تتبادر إلى الذهن مساحة شاسعة من الصحراء، تفتقر إلى أي نوع من أنواع التنظيم الاجتماعي والسياسي، وينقسم سكانها إلى قبائل ترعى الإبل والأغنام، أي مجتمع لم يعرف حياة الحضر حتى ظهور النفط، ولكن هذا مفهوم خاطئ، فالحياة البدوية تُعد عنصرًا واحدًا من عناصر المجتمع السعودي القديم، إذ كانت هناك مدن مستقرة تعتمد على الزراعة والإنتاج الحرفي والتجارة، منها مدينة عنيزة، التي سنتعرف إلى مظاهر الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيها قديمًا، كما سنتتبع التحولات التي شهدتها المدينة بعد قيام الدولة الجديدة.
مؤلف كتاب عنيزة: التنمية والتغيير في مدينة نجدية عربية
دونالد كول: أستاذ فخري في الأنثروبولوجيا في قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا وعلم المصريات في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، حصل على درجة البكالوريوس من جامعة تكساس في عام 1963م، ثُمَّ حصل على درجة الماجستير في عام 1968م، ثُمَّ درجة الدكتوراه في عام 1971م من جامعة كاليفورنيا، انضم إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة في عام 1971م، وأجرى أبحاثًا ميدانية واسعة النطاق في المملكة العربية السعودية ومصر، صدرت له عِدَّة مؤلفات، منها:
أهل مطروح: البدو والمستوطنون والذين يقضون العطلات.
الطريق إلى الإسلام: من تكساس إلى المملكة العربية السعودية ومصر.
معلومات عن المترجمين:
د. جَلَال أمِين: عالم اقتصاد وأكاديمي وكاتب مصري، حصل على درجة البكالوريوس من كلية الحقوق بجامعة القاهرة في عام 1955م، ثُمَّ حصل على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن، وفي عام 1965م شغل منصب أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، ثُمَّ عمل مستشارًا اقتصاديًّا للصندوق الكويتي للتنمية في عام 1974م، كما عمل أستاذًا زائرًا للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا في عام 1978م، وأستاذًا للاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في عام 1979م، وله عِدَّة مؤلفات، منها:
خرافة التقدم والتأخر.
عولمة القهر: الولايات المتحدة والعرب والمسلمون قبل وبعد أحداث سبتمبر.
ماذا حدث للمصريين؟ تطور المجتمع المصري في نصف قرن 1945 إلى 1995.
أ. أسْعَد حَلِيم: مُترجم، ترجم عِدَّة مؤلفات، منها:
الرؤيا الإبداعية.
روح الشعب الأسود.
الخيارات الذكية: دليل عملي لاتخاذ قرارات أفضل.