التبادل
والسلاح الثاني من أسلحة التأثير هو التبادل، وينص مبدأ التبادل على أنه يجب أن نقدم مقابلًا لما قدمه الآخرون إلينا. ولنعرف مدى عمق مبدأ التبادل بداخلنا، تذكر صديقك الذي قدم لك رسالة تهنئة أو أرسل إليك هدية بمناسبة عيد ميلادك وكيف شعرت حينها بالمسؤولية وأنه لا بد من تهنئته وتقديم هدية له في عيد ميلاده. والحقيقة أنك لست وحدك من يخضع لمبدأ التبادل، فقد أمكن علماء الاجتماع مثل “أَلْفِين جُولْدْنِر” أن يقروا بعد دراسات مكثفة بأنه لا يوجد مجتمع بشري لا يخضع لمبدأ التبادل.
وبسبب الشعور بالمسؤولية والمديونية الناتجة عن مبدأ التبادل، يملك هذا المبدأ قوة هائلة، ولذلك يمكن لأشخاص كمندوبي المبيعات أو ممثلي المنظمات وغيرهم أن يجعلونا نفعل ما يريدون فقط بأن يقدموا إلينا معروفًا صغيرًا قبل عرض طلباتهم، وذلك لأن هذا المعروف يخلق لدينا شعورًا بالمديونية ويلزمنا داخليًّا بردِّه، ومن ثم فالوسيلة الوحيدة التي يمكن أن نردَّه بها هي الموافقة على طلباتهم وفعل ما يريدون.
ويمكن مشاهدة قوة مبدأ التبادل في مجال التجارة، ويأتي على رأس تلك المشاهدات ما يسمى بالعينة المجانية، ومن المعروف أن الهدف من العينة المجانية هو التعريف بالمنتج وإتاحة فرصة تجربته للعملاء المحتملين، ولكن ما لا نعرفه أن العينة المجانية أيضًا تأتي في مقام الهدية أو المعروف أو الفعل اللطيف الذي يُقابَل داخل أنفسنا بالشعور بالمديونية والمسؤولية عن رد المعروف، وكيف نرده إلا بشراء المنتج؟!
وكذلك يُستعمَل مبدأ التبادل بقوة في مجال التفاوض، إذ نجد أن المفاوض الموهوب يبدأ بطلب أَوَّلِيّ مبالغ فيه ثم يتبعه بمجموعة من التنازلات، هل خمنت دور التنازلات في التفاوض؟ التنازلات مثلها مثل العينة المجانية التي تأتي في مقام المعروف أو الهدية، وهكذا تتسبب في الشعور بالمديونية، وحينها يعمل مبدأ التبادل تلقائيًّا فتجد نفسك موافقًا على هذه التنازلات بكل سهولة، وتنتهي بخصم نهائي ستكون راضيًا به جدًّا، المؤلم أنه لو عُرض عليك للمرة الأولى فلن تقبله أبدًا، ولكنه تأثير مبدأ التبادل يا عزيزي!
الفكرة من كتاب التأثير: علم نفس الإقناع
هل جربت من قبل أن تقنع أحدًا بوجهة نظرك ولكنك فشلت رغم صحتها؟ دعنا من هذا السؤال ولنفكر في غيره، هل تعرضت يومًا ما لحِيَل البائعين حتى أقنعوك بدفع ثمنٍ باهظ مقابل منتج لا يستحق كأنك تحت تأثير مخدر؟ قد يعيدك التفكير في هذه الأسئلة إلى ذكريات أليمة! ولكن لا بأس، فكثير منا قد تعرض لمثل هذه المواقف في حياته، وهنا يكمن سحر الإقناع والتأثير، وهذا بالتحديد ما يتعرض له الكتاب، فهو يناقش مجموعة هامة من أسلحة التأثير ويوضح المبادئ النفسية التي تقوم عليها، والأهم أنه يخبرنا كيف تُستخدم هذه الأسلحة ضدنا وكيف نتوقف عن كوننا أحد ضحاياها.
مؤلف كتاب التأثير: علم نفس الإقناع
روبرت سيالديني : هو أستاذ جامعي في كل من التسويق وعلم النفس بجامعة أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية، وخبير في مجالات الإقناع والتفاوض، ورئيس شركة “التأثير في طور العمل” وهي شركة استشارية وتدريبية تعتمد على الأبحاث في علم التأثير وإدارة الأعمال.
من مؤلفاته: “قبل الإقناع – طريقة ثورية للتأثير والإقناع”، “التأثير الجديد والموسع”.
عن المترجم:سامر عبد المحسن الأيوبي: طبيب حاصل على الزمالة الملكية للجراحين البريطانيين في الجراحة العصبية، وله عديد من الترجمات في مجال الطب والثقافة العامة، مثل:
لكل عقل موهبة.
الدسم الجيد والدسم السيئ.