التأمرك الأوروبي والانحطاط الحضاري
التأمرك الأوروبي والانحطاط الحضاري
يصف روجيه جارودي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية بـ”تأمرك أوروبا”، وذلك في سياساتها التي تجلَّت في “اقتصاد السوق”، وتأسيس الاتحاد الأوروبي لتحقيق هدفها المشترك، وهو ضمان الحركة الحرة لقوانين السوق، مما يستجيب لأهداف الولايات المتحدة، ويجعل لها شريكًا أكثر فاعلية، ولذلك فتشجيعها لوحدة أوروبا ليس لهدفٍ نبيل في اتجاه خطوة لوحدة العالم، بل لمضاعفة الانقسام!
وللإبقاء على ذلك الجهاز الاستعماري، تلجأ الولايات المتحدة في كل فترة إلى تهديدٍ جديد تُخيف به الدول، فكما كان سابقًا يتمثل التهديد في الاتحاد السوفيتي، أصبح فيما بعد يتمثل في إرهاب وطيش أسلحة العراق، وغير ذلك.
أما عن الانحطاط فهو يعني قطع أواصر النسيج الاجتماعي لتحويل المجتمع إلى ذرات من أجل تخريب العلاقات بين الجماعات، عندما لا تعدُّ وحدة العالم هدفًا نهائيًّا وقاعدة كبرى، لذلك تقود عبادة السوق والملكية المطلقة للمال مجتماعتنا كلها إلى الانحطاط والهلاك!
ويكمن هذا الأمر في عدم قدرة تلك البلاد الأكثر ثراءً على خفض ديونها التي تمثل ثلاثة أضعاف ديون العالم مجتمعة، وما سُمي بـ”اقتصاد السوق”، كل هذا يجعلنا نعيش حاليًّا عصر “فساد التاريخ” المُتميز بالسيطرة الساحقة لإمبراطورية لا تحمل أي مشروع إنساني قادر على إعطاء معنى للحياة والتاريخ!
ولربما نستطيع أن نصل إلى أن المشكلة الأكثر عُمقًا الخاصة بالأهداف النهائية، أي إنها مشكلة دينية، لأن الأديان وحدها هي التي تبحث وتجيب عن الأهداف النهائية للحياة.
الفكرة من كتاب حفارو القبور
لم يصبح العالم مكانًا مناسبًا لأي وضع إنساني، عالم تتغذى فيه الدول الكبرى على حروب ونزاعات العالم الثالث، حيث عدم التوازن، كل شيء مُباح لأجل مصالح سياسية، كل شيء له قيمة وثمن بما في ذلك أي صمت عالمي تجاه كل ما هو ضد الإنسانية.
يناقش روجيه جارودي، عددًا من المشكلات السياسية والوضع العالمي، والتفاوت الحادث بين الدول الكبرى ودول العالم الثالث، مُتجهًا إلى الحلول الممكنة للتحرر الحقيقي للعالم، وصولًا إلى وحدته.
مؤلف كتاب حفارو القبور
روجيه جارودي (1913 – 2012): فيلسوف وكاتب فرنسي، بدأ حياته بالعمل أستاذًا في الفلسفة، ثم انخرط في السياسة كنائب في البرلمان، وعضو في الحزب الشيوعي الفرنسي الذي طُرد منه لانتقاداته للاتحاد السوفيتي.
عُرف في العالم العربي بعد اعتناقه الإسلام، وتأليفه عددًا من الكتب الخاصة بنظرة الإسلام إلى الوضع السياسي العالمي.
من أبرز كتبه ومؤلفاته:
المسجد مرآة الإسلام.
الإسلام دين المستقبل.
الولايات المتحدة طليعة التدهور.
الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية.