التأصيل لمنهج شرعي لمواجهة تحديات الإلحاد الجديد
التأصيل لمنهج شرعي لمواجهة تحديات الإلحاد الجديد
ومن المجالات التي تحتاج إلى قدر من التأصيل العقدي والمنهجي، تحرير الصلة بين المعارف الشرعية والمعارف العلمية الطبيعية، وذلك أن ثمة قدرًا من التقاطع أحيانًا بين هذين المجالين بما يستدعي ضبط العلاقة بينهما، فالإسلام باختصار بحاجة إلى مشروع كالذي تناوله شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه درء تعارض العقل والنقل، فالمهم هو الوصول إلى إدراك منطقة عمل النقل ومنطقة عمل العلم الطبيعي، وتحرير محل البحث والتعارض.
كما ينبغي أن يكون منطلق المؤمن في جدله من تصور عقدي صلب يستحضر في نفسه معنى قوله تعالى (أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، فالقضية التي يدافع عنها ليست قضية هامشية، بل هي أم اليقينيات الدينية، وأحد المعاني الفطرية، فالتيار الإلحادي تيار هدمي، يسعى أفراده إلى هدم التصورات الدينية دون أن يقدموا فلسفتهم الخاصة للوجود، ومتى سعوا في ذلك فمن السهل ملاحظة حالة التعجل والسطحية في أفكارهم، فتقديم الإلحاد مع سؤال الأخلاق، وسؤال الإرادة الحرة، وسؤال المعرفة العقلية الضرورية، وسؤال الوعي وإدراك الذات، جميعها مناطق لا يستطيع الإلحاد الخوض فيها، وهي تكشف بشكل صريح مدى خلل التصوُّر الإلحادي!
وأخيرًا فإن العمل على تأصيل منهج شرعي في التعامل مع الشبهات والإشكالات مهمة كبيرة جدًّا، ولكن ما من شك أن للشبهة تأثيرًا كبيرًا في انحراف الإنسان، لذا وجب على العبد أن يستشعر أن أجلَّ وأعظم نعمة أنعم الله بها على العبد هي توفيقه للإيمان، وأن يأخذ حيطته خلال تعاطيه الشبهات حتى يصح التصور المبني على حجج وبراهين ومعرفة للحق، فالشبهة بحاجة إلى البحث والتأمل والإزالة، وليست أمرًا مُسلَّمًا يتعجَّل المسلم في تناولها.
ويجب الاعتراف أن أكبر التحديات التي تواجه الدعوة في مستقبل الأيام إعادة “النص القرآني” ليكون الأصل الذي ينبني عليه فهم الدين، وتشكيل التصورات والقناعات، ليكون هو “الحكم الحق” في تقييم مختلف الأطروحات والرؤى والأفكار، ولتترتب وفقه الأولويات العلمية والتربوية والدعوية وغيرها، فإن أعظم ما يمكن أن يحققه الدعاة هو إحداث التفاعل “الإيماني العميق” بـ”النص القرآني” بالانتقال من مجرد القراءة اللفظية له إلى “عوالم التدبر” والتي تحفظ لأصحابها الانتفاع الحق بالقرآن الكريم.
الفكرة من كتاب ميليشيا الإلحاد
انتشرت مؤخرًا ظاهرة الإلحاد الجديد، والكتاب الذي بين أيدينا يتناول تصحيح التصور حول تلك الظاهرة وبيان تطوراتها وأهم سماتها، كما يراجع أداء الخطاب العقدي الإسلامي ومدى كفاءة أدواته العلمية الحالية لمواجهة إشكالية الإلحاد الجديد، ومدى كفايتها لخلق الحصانة العقدية لدى أبناء المسلمين.
مؤلف كتاب ميليشيا الإلحاد
عبد الله صالح العجيري: باحث ومُفكِّر سعودي، حاصل على بكالوريوس هندسة حاسب آلي وبكالوريوس أصول دين، يهتم بالقضايا العقدية الفكرية، وهو مدير مركز تكوين للدراسات والأبحاث، وله العديد من المؤلفات والكتب منها:
شموع النهار.
زخرف القول.
ينبوع الغواية الفكرية.