التأثُّر بالقرآن
التأثُّر بالقرآن
إن شمس الدنيا لا تؤثر إلا في من يتعرَّض لها؛ كذلك القرآن لا يؤثر إلا فيمن يتعرض له، ولا يعني عدم رؤية البعض للشمس بسبب الغيوم والسُّحب أنها غير موجودة، كذلك القرآن، فمعجزته موجودة ومحفوظة بحفظ الله لها، فإن حالت الحُجب بيننا وبينها، فلا ينبغي أن نستسلم ونظن بأن هذا هو الوضع الطبيعي للقرآن، بل علينا أن نجتهد في الوصول إلى التأثير المباشر لتلك المعجزة.
ومن مظاهر تأثير القرآن، ما حدث للجن حينما استمعوا إلى القرآن فكان أول رد فعل لهم أن قالوا: “أنصتوا”، وفي يوم من الأيام كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقرأ سورة النجم عند الكعبة، واستمع لقراءته جمعٌ من المشركين، فسكتوا وأنصتوا، وتأثروا لدرجة أنه عندما بلغ نهاية السورة، وسجد عند قوله تعالى: ﴿فَاسْجُدُوا للهِ وَاعْبُدُوا﴾، خرُّوا ساجدين.
وفي مقابل تأثر الكافرين وعدم إسلامهم، نجد أن سبب بعض من أسلم من المسلمين الأوائل هو سماعهم للقرآن، فهذا عمر بن الخطاب، والطفيل بن عمرو الدوسي والجبير بن مطعم والنجاشي وأسيد بن حضير (رضي الله عنهم أجمعين) أسلموا حين سمعوا القرآن!
حتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، كان يظهر تأثره بالقرآن، فعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: “كان النبي (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان، لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة من شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة”، لقد كان القرآن هو شغل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الشاغل، لذلك كان حريصًا على عدم انشغال الصحابة بشيء آخر غير كتاب الله حتى يستطيع ذلك الكتاب أن يقوم بوظيفته كاملة في تغيير قلوبهم وعقولهم ونفوسهم، ومن ثمَّ سلوكهم.
الفكرة من كتاب تحقيق الوصال بين القلب والقرآن
مع تيسُّر القرآن للجميع إلا أن غالبية الأمة قد أعرضت عنه كمصدر متفرد لتوليد الإيمان وتقويم السلوك، واكتفت منه بتحصيل الأجر والثواب المترتب على تلاوته وحفظه، بالإضافة إلى ذلك الواقع المرير الذي تحياه أمتنا، واحتياجها الماس إلى مشروع ينهض بها، ويعيدها إلى سيرتها الأولى، ومن هنا يبدأ الكاتب رحلته في الحديث عن القرآن وقيمته العظيمة، وكيفية الانتفاع به ليحدث الوصال الحقيقي بين القلب والقرآن فيتغير تبعًا لذلك الفرد ومن ثمَّ الأمة كما حدث مع الجيل الأول، وحتى يدخل القرآن القلب يتطلب ذلك أن نتعامل مع القرآن بالطريقة التي تحقق هذا الهدف، والتي أرشدنا إليها الله (عز وجل) في كتابه، ورسوله (صلى الله عليه وسلم) في سنَّته، وطبقها الصحابة (رضوان الله عليهم).
مؤلف كتاب تحقيق الوصال بين القلب والقرآن
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية، التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من أبرز مؤلفاته:
حطِّم صنمك.
الإيمان أولًا فكيف نبدأ به.
كيف نحب الله ونشتاق إليه.
التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم.