التأثير الحاد والواسع النطاق للأزمة
التأثير الحاد والواسع النطاق للأزمة
لقد أتت على الولايات المتحدة الأمريكية فترات كساد قبل ثلاثينيات القرن العشرين، إلا أن الكساد الكبير كان أعظمها أثرًا من حيث النطاق الذي شمله والفترة التي استغرقها، فلقد تسبب في إعادة هيكلة النظام الاجتماعي بأكمله، فالانضغاط الكبير في الأجور أدى إلى خلخلة الطبقات الاجتماعية، حيث عملت على تقليص المسافة بين الأثرياء والفقراء، فقد زالت الهوة بين الطبقات المجتمعية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وسرعان ما تعاظمت الأزمة بعد الانهيار إلى حد مروع، لدرجة أن أبعاد الأزمة الكاملة أصبح استيعابها صعبًا، وعندما ارتفع معدل البطالة إلى ربع القوى العاملة في عام 1932، فقد نحو 11.5 مليون أمريكي عملهم، وإذا أضفنا لهذا العدد العمال الذين كانوا عادة لا يمتهنون وظائف رسمية يصل العدد إلى 30 مليون أمريكي تقريبًا ممن فقدوا مصدر دخلهم!
لكن الأمر لم ينتهِ بعد، حيث ظهر الوجه القبيح للأزمة في شكل آخر، فقد واجهت النساء سوقًا للعمل أصعب مما واجهه الرجال، فمع اضطرارهن إلى مغادرة أسرهن، مثلت الحياة في الشارع لهن تهديدًا بالاستغلال البدني، مما شجع البعض منهن على تأسيس مجتمعات لحماية أنفسهن، فالمرأة العاملة كانت بحق اليتيم الأول في العاصفة، كما أبرزت الأزمة نوعًا آخر من التمييز العنصري الكريه، حيث لاحظ العمال السود أنهم آخر من يُعين وأول من يُطرد من العمل، وأن أصحاب العمل يسرحون العمال السود عمدًا من أجل أن يأتوا بعمال بيض بدلًا منهم.
وفي نهاية مأساوية سرعان ما انطبعت صورة الأمريكيين الذين لا يجدون شيئًا تقريبًا يعيشون عليه – يدفعهم القحط والرياح خارج ديارهم، وهم يعيشون تحت نيران الأزمة ويثابرون بقوة إرادتهم – في عقول الناس في كل أرجاء الدولة، وفي الأعوام التالية كانت تلك الصورة محل اهتمام الصحفيين والناجين. وباتت تلك الصور التي صورت الفقر في أرض الوفرة المأمولة، ترمز إلى الكساد، ومع اهتزاز أركان الدولة بأكملها جاء الوقت الذي أصبح فيه الموسرون يفكرون مليًّا في الأمر، وبالرغم من أنهم كانوا أفضل حالًا من غيرهم، بيد أنه لم يستطع أحد منهم أن يعيش دون قلق أو خوف.
الفكرة من كتاب الكساد الكبير والصفقة الجديدة
لم تكن الصفقة الجديدة هي التي أنهت الكساد الكبير، بل المصانع التي أنتجت أسلحة الحرب العالمية الثانية هي التي أنهته.
يستعرض الكتاب أحد أهم الأحداث الاقتصادية عبر التاريخ، ألا وهو أزمة الكساد الكبير، وكيفية تعامل الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس فرانكلين روزفلت معها عن طريق حزمة من السياسات عرفت باسم الصفقة الجديدة، كما يلقي الضوء أيضًا على تلك الفترة العصيبة التي كانت بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما نتج عنها من تشكُّل النواة الأولى لمشروع تسلم الولايات المتحدة الأمريكية عرش الاقتصاد العالمي.
مؤلف كتاب الكساد الكبير والصفقة الجديدة
إريك راشواي: كاتب، وأستاذ التاريخ بجامعة كاليفورنيا في ديفيس.
كتب العديد من المقالات في مجلة “ذي أمريكان بروسبيكت” وجريدة “ذا فاينانشال تايمز”، وصدر له الكثير من المؤلَّفات منها:
أمة مبارَكة بين الأمم: كيف صنع العالم أمريكا.
الكساد الكبير والصفقة الجديدة.
اغتيال ماكينلي: صناعة أمريكا ثيودور روزفلت.