البُّطاح واليمامة.. المعركتان الفاصلتان
البُّطاح واليمامة.. المعركتان الفاصلتان
بعد انتصار المسلمين في معركة بزاخة على طليحة الذي فرَّ إلى الشام، كان على خالد بن الوليد المسير إلى البُطّاح لملاقاة مالك بن نويرة وأتباعه الذين أعلنوا منع الزكاة، فلما وصل إليهم وجدهم قد فرُّوا، فجهز جيشه للِّحاق بهم حتى تمكن منهم، وأُحضِر مالك بن نويرة بين يدي خالد، ولما تبين لخالد موقف مالك من دفع الزكاة أمر بقتله، وقد اختلف معه بعض الصحابة كعمر بن الخطاب بسبب ما فعله لأنه وجب عليه أن يبعثه إلى الخليفة لا أن يقتله، كما قرر خالد الزواج من أرملة مالك بعدما أمر بقتله، واعتبر الكاتب أن وقعة البطاح هي صفحة في تاريخ خالد كان الأفضل ألا تكن موجودة، على الرغم من أن له عذره فيها.
أما عن معركة اليمامة فقد خرج خالد من البطاح إلى اليمامة لملاقاة مسيلمة بن تمامة (مسيلمة الكذاب) المعروف بخطره وخُبثه وكثرة عدد تابعيه وجيشه، والتحم الفريقان، وقاتل جيش مسيلمة بشدة، حتى استطاع التغلغل في جيش المسلمين، بل ووصل إلى خيمة خالد، وصُدم المسلمون، فأسرع خالد بتنظيم جيشه، وجعل ينادي بين جيشه: يا محمداه، ومضى إلى القتال.
وقد استُشهِد في هذه المعركة عددٌ من كبار الصحابة كثابت بن قيس، وزيد بن الخطاب، واشتدت المعركة حتى انكشف جيش مسيلمة الذي ظل يتراجع، وهرب مسيلمة بنفسه إلى حديقة ذات سور سُميت بعد ذلك بحديقة الموت لكثرة من قتل فيها، فلحق به المسلمون واقتحموا الحديقة وقُتل مسيلمة وعدد كثير من أتباعه وانتصر المسلمون، وقد قيل إن تلك المعركة كانت سببًا في أمر الخلفاء بجمع القرآن في المصحف بعد أن مات الكثيرون من حفاظه.
الفكرة من كتاب عبقرية خالد
قيل إنه أمَّ الناس بالحيرة وقت خلافة أبي بكر الصديق فقرأ من سورٍ شتى، وبعدما سلم قال للناس مُعتذرًا: “شغلني الجهاد عن كثيرٍ من قراءة القرآن”، ولقبه النبي الكريم ﷺ بسيف الله في وقتٍ لم تظهر فيه بطولاته الكبرى، وقد صدق النبي وسبق، هو ابن الوليد المخزومي القرشي الذي أرعب اسمه أكبر دولتين على وجه الأرض في ذلك الوقت، هو صاحب السجل الخالي من أي هزيمة، ومن قال إنه كان دارسًا لفنِّ الحرب؟ بل كان هو صانعُهُ، هو الأمين الذي لم يحمل ضغينةً في قلبِه حتى في عزلِه، هو خالد بن الوليد (رضي الله عنه).
مؤلف كتاب عبقرية خالد
عباس محمود العقاد (1989-1964م): أديبٌ ومُفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ألَّف أكثر من مائة كتاب في شتى المجالات، أشهرها سلسلة العبقريات، والفلسفة القرآنية، وأثر العرب في الحضارة الأوروبية، وحياة قلم، ويُعد من أهم كتَّاب القرن العشرين في مصر.