البيت الثاني

البيت الثاني
إن كنت تعتقد أن الإنترنت وُجِدَ حتى يلبي رغبة البشرية في المعرفة والتواصل مع الآخرين، فدعني أخبرك أن الإنترنت نشأ وسط غبار الحرب الباردة، عندما أطلق الاتحاد السوفيتي أول قمر صناعي عام 1957م، فصممت عدد من الجامعات الأمريكية هذه الشبكة للاتصالات الآمنة المغلقة في حالة الطوارئ بين مسؤولي الحكومة والباحثين، وبعدها تحولت ليصبح مستخدموها نحو 60% من سكان العالم.
وفي عام 1969م أرسل الآباء الأوائل للإنترنت الرسالة الأولى في تاريخه عبر أَرْبَانِت بين جهازين، أحدهما في أحد معامل جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، والآخر بجامعة ستانفورد بالولايات المتحدة الأمريكية، ومن وقتها بدأ العمل على توسيع نطاق هذه الشبكة، فأرسل “رايْمُونْد صَمْوِيل تُومْلِينسُون” أول رسالة عبر البريد الإلكتروني من خلال أرْبَانِت، وبعدها في عام 1989م، أنشأ المخترع “تِيم بِرْنِرْزْ لِي” الشبكة العالمية للمعلومات التي سهّّلت عملية البحث والتصفح والإبحار في المعلومات على شبكة الإنترنت، ومن المذهل أنه تبرع به ولم يحصل منه على أرباح مادية.
وبسبب الانتشار السريع للإنترنت، نقلت الحكومة الأمريكية إدارته إلى منظمات ومؤسسات مستقلة، فلم تعد هناك إدارة مركزية للإنترنت في العالم، فقط الأمور التقنية والسياسات التي تنظم البنية التحتية من نطاقات وبروتوكولات تُشرِف عليها هيئة “آي كان” ومقرها لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا.
كان التحول الحقيقي للإنترنت وانتقاله من كونه مكانًا للمعلومات والبيانات إلى البيت الثاني لملايين البشر في ما يُعرَف بالموجة الثانية، في أغسطس 2003م، حينما أُنشئ أول موقع للتواصل الاجتماعي “ماي سبيس”، وعلى الرغم من عدم انتشاره دوليًّا فإنه كان المؤشر إلى رغبة كثيرين من مستخدمي الإنترنت في التواصل مع الآخرين وممارسة جزء من حياتهم على شبكة الإنترنت.
ومن أجل تلك الرغبة ظهرت مواقع مثل فيسبوك ويوتيوب وتويتر، وبدأت مخاوف تأثير هذه المواقع تظهر، بل صرنا نرى أثرها فينا، فالجميع يعرف الآن أن حياة مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي تُسرَق نتيجة ابتلاع هذه المواقع للوقت، فنحن حين نستخدمها نكون غارقين في حالة من الإعجاب والاختلاف والاتفاق وكتابة التفاصيل اليومية، وغيرها من الأمور التي تُنسينا متابعة الوقت.
الفكرة من كتاب نبوءة آمون: موجز تاريخ الإنترنت
لا تخلو الحياةُ اليوم من ظهور ابتكارات تجعل الحياة أكثر سهولة وتربطها بشكل أكبر بالإنترنت، فأنت أصبحت تُفضل التسوق عن طريق الصفحات والتطبيقات بدلًا من النزول من منزلك لفعل هذا الأمر مُتَحَجِّجًا بتَوفير الوقت، ولكنك في الوقت نفسه تقضي وقتًا طويلًا على وسائل التواصل الاجتماعي، فما الذي اختلف إذًا؟
الإجابة عن هذا الأمر مرتبطة بالإنترنت والتغييرات التي سببها منذ ظهوره، لهذا يأتي هذا الكتاب ليقدم إليك ملخصًا سريعًا للاختراعات الفاصلة التي غيرت حياتنا، ومن ضمنها الإنترنت وأثره في تغيير المنظومة التي يُدار بها العالم، كما يوضح الأضرار الناتجة عن وسائل التواصل وما أحدثته في نفوس البشر، وهل تتجسس علينا هذه المواقع حقًّا، مما قد يجعلنا نُضْطَرّ إلى العودة إلى استخدام الرسائل البريدية بدلًا من هذه الوسائل وإن كانت أبطأ من الإنترنت؟
الآن كن مستعدًّا لمعرفة كل هذا وأكثر من خلال ملخص تاريخ الإنترنت.
مؤلف كتاب نبوءة آمون: موجز تاريخ الإنترنت
خالد الغمري: أستاذ مساعد اللُّغويات الحاسوبية بكلية الألسن بجامعة عين شمس، حاصل على الدكتوراه من جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية، شارك في تأسيس “مرصد المحتوى العربي على شبكة الإنترنت” التابع لـ”مؤسسة الفِكر العربي”، و”منتدى وسط غرب أمريكا للغويات الحاسوبية”.
له عدد من المقالات نُشرَت بجريدة الأهرام، تناولت الحديث عن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات، وأثرها في الثقافة والمعرفة والمجتمع والسياسة، كما قدم عديدًا من الأبحاث حول المعالجة الآلية للغة العربية والمحتوى الرقْمي العربي، وألّف كتاب “برج مغيزل: مواقع التواصل الشخصي”.





