البيانات.. كيف كانت وماذا أصبحت؟
البيانات.. كيف كانت وماذا أصبحت؟
قبل اختراع الحاسوب كنا نعتمد على حدسنا في معالجة البيانات والمعلومات لنتخذ القرار الصحيح، ولكننا ننسى أحيانًا ونرتكب الأخطاء، كما أن قدراتنا محدودة فذاكرتنا لها حدود تخزين معينة، ولأن اتخاذ القرار رهن حجم البيانات وجودتها، اكتسب الحاسوب دورًا مهمًّا، فله ذاكرة كبيرة ويستطيع معالجة ملايين البيانات في وقت قصير، لنتمكن من اتخاذ أفضل قرار متاح، وبالحاسوب ولغة البيانات اكتشفنا أمورًا لم نكن نتوقعها، فهل تتوقع مثلًا أن الرَّبْوَ يسبب الوفاة أكثر من الأعاصير؟!
كما أن للبيانات القدرة على التعبير عن كل جوانب حياتنا، كيف نستهلك، وما الذي نحبه أو نكرهه، وما رغباتنا، بل وحتى أدق سلوكياتنا الخاصة، وتمكننا البيانات من رؤية العلاقة بين عديد من المشكلات، كارتباط الملل والبطالة بارتفاع معدلات مشاهدة الإباحية والانحرافات السلوكية، ولكن البيانات لا تستطيع الإجابة عن سؤال “لماذا؟”، بل تتنبأ وتشير إلى وجود ارتباط فقط، فمثلًا لاحظ متجر Walmart ارتفاعًا في استهلاك الحلوى بنكهة الفراولة قبل إعصار فرانسيس الموسمي، واستغلوا ذلك في رفع المبيعات قبل إعصار 2004م.
فنحن الآن نعيش في عصر يسمى بـ”البيانات الضخمة”، نضخ يوميًّا نحو عشرين مليون تريليون بايت بإمكانها إخبارنا بالكثير عن الظواهر الاجتماعية المختلفة، ولكن يجب علينا وضع تصور جديد للبيانات ووظيفتها، ونبحث عن البيانات التي يتجاهلها الآخرون، ونتوقف عن الاعتماد على حدسنا في القضايا المهمة والمعقدة، والأهم من ذلك التوقف عن تصديق ما يقوله الآخرون.
الفكرة من كتاب الكل يكذب: البيانات الضخمة والبيانات الحديثة وقدرة الإنترنت على كشف الخفايا
“الخوارزميات تعرف عنك ما لا تعرفه عن نفسك”، عبارة قالها أحد علماء البيانات السابقين، فلماذا يَعتقد ذلك؟ يَعتقد ذلك بسبب أن الخوارزميات تتعامل مع كل البيانات التي ننتجها في أثناء تفاعلنا مع الإنترنت، كل موقع ندخله، وكل صورة نعجب بها، وحتى كل النقرات مسجلة، وعلى عكسنا، فالبيانات لا تستطيع الكذب وإخفاء الحقائق، فما تبحث عنه في جوجل وما تعجب به في فيسبوك يعبر عنك بشكل أكبر مما تعتقد.
مما يجعلنا نطرح الأسئلة الآتية، لماذا ازداد الاهتمام بالبيانات في عصرنا الرقمي؟ وإلى أي مدًى يمكن أن تكشف لنا خبايا أنفسنا؟ وما رأي بياناتنا في مشكلات العنصرية والكراهية والتحيز والعنف؟ وهل يمكن تخيل عالم يحكم على الأفراد بالكفاءة الوظيفية إذا كانوا يحبون البيتزا؟ سنغوص في أعماق الزوايا التي لم يبحث فيها أحد ونجيب عن تلك الأسئلة ونفهم المزيد عن عالمنا.
مؤلف كتاب الكل يكذب: البيانات الضخمة والبيانات الحديثة وقدرة الإنترنت على كشف الخفايا
سيث ستيفنز – دافيدوتس: عالم بيانات واقتصادي أمريكي ولد في سبتمبر عام 1982م، ألف عدة مقالات في نيويورك تايمز كما قدم بعض المحاضرات في جامعة بنسيلفينيا، حصل على البكالوريوس في الفلسفة من جامعة ستانفورد، ثم حصل على دكتوراه في الاقتصاد بجامعة هارفارد بعام 2013م، ألف كتابًا آخر بعنوان:
– لا تثق في حدسك: استخدام البيانات للحصول على ما تريده حقًّا في الحياة.
معلومات عن المترجم:
أحمد الأحمري: مترجم وكاتب سعودي الجنسية، يعمل عضوًا في هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود، وترجم كتاب:
– التطور الثقافي في العصر الرقمي.