البيانات تكشف الأسرار والحقيقة
البيانات تكشف الأسرار والحقيقة
تخبرنا البيانات بالمفاتيح السرية لكل من الرجل والمرأة، فالرجل يحب أن تتحدث المرأة عن نفسها لأنها علامة شعورها بالراحة معه، كذلك يميل الرجل إلى التشاؤم رغم اقتصار اهتمامه على الحاضر، بينما تفضل المرأة اشتراك الرجل في حديثها عن مواضيعها وتهتم بالمستقبل كثيرًا، كما أن الأسئلة العامة علامة على الملل وتوقف تدفق الكلام والتفاعل.
وعند الحديث عن الكلمات واللغة اليومية التي يتفاعل بها الناس، توضح البيانات أن كل مرحلة عمرية تكثر من استخدام كلمات معينة مختلفة، إذ تميل فئة المراهقين إلى الشتائم واللغة العنيفة التي تهدأ بتقدمهم في العمر وتظهر الكلمات المعبرة عن العائلة.
أما بالنسبة إلى مواقع التواصل الاجتماعي وكيفية انتقال القصص، فحسب دراسة بكلية وارتون، نحن نميل إلى تشارك المحتوى الإيجابي لنشعر بمشاعر جيدة على عكس الشائع بالميل إلى نشر المحتوى السلبي العنيف، ووسائل الإعلام تعلم ذلك جيدًا، فتحرص على إظهار تحيزها حسب المنطقة أو الشرائح الموجهة لترضيهم ومن ثم تزداد ثراءً، حتى لو كان تحيزهم إلى المثليين، فالبيانات تخبرنا بوضوح بانتشار سلوكيات مثلية أكثر من الأرقام المصرح بها.
وعند حديثنا عن السلوكيات الخاصة والمحرجة، يَميل الناس إلى الكذب وإن كانت نتائج الاستبيانات أو الدراسات سرية، بسبب صعوبة الاعتراف بالأمور المحرجة أمام أنفسهم، والرغبة في ترك انطباع حسن لدى القائمين على الدراسة أو الاستبيان، أما بخصوص ميل الناس إلى آراء معينة عكس آرائهم الحقيقية، فذلك يعود إلى أن التحيز إلى المقبول اجتماعيًّا يغذي شعورهم الجيد بأنفسهم، ولهذا فإن البيانات الضخمة الناتجة عن استهلاكهم للإنترنت أكثر صدقًا، فهم بمفردهم ولا يوجد مراقب متحفزون لإيجاد ما يبحثون عنه مهما بلغت درجة فظاعته.
فهل يعني ذلك أن بإمكاننا القبض على كل من يبحث عن المخدرات أو العنف؟ لا، بل يمكن الاستفادة من البيانات لتوزيع الموارد والاهتمام، فالمناطق التي يبحث سكانها بكثرة عن الاكتئاب تحتاج إلى اهتمام أكبر من المؤسسات المختصة.
الفكرة من كتاب الكل يكذب: البيانات الضخمة والبيانات الحديثة وقدرة الإنترنت على كشف الخفايا
“الخوارزميات تعرف عنك ما لا تعرفه عن نفسك”، عبارة قالها أحد علماء البيانات السابقين، فلماذا يَعتقد ذلك؟ يَعتقد ذلك بسبب أن الخوارزميات تتعامل مع كل البيانات التي ننتجها في أثناء تفاعلنا مع الإنترنت، كل موقع ندخله، وكل صورة نعجب بها، وحتى كل النقرات مسجلة، وعلى عكسنا، فالبيانات لا تستطيع الكذب وإخفاء الحقائق، فما تبحث عنه في جوجل وما تعجب به في فيسبوك يعبر عنك بشكل أكبر مما تعتقد.
مما يجعلنا نطرح الأسئلة الآتية، لماذا ازداد الاهتمام بالبيانات في عصرنا الرقمي؟ وإلى أي مدًى يمكن أن تكشف لنا خبايا أنفسنا؟ وما رأي بياناتنا في مشكلات العنصرية والكراهية والتحيز والعنف؟ وهل يمكن تخيل عالم يحكم على الأفراد بالكفاءة الوظيفية إذا كانوا يحبون البيتزا؟ سنغوص في أعماق الزوايا التي لم يبحث فيها أحد ونجيب عن تلك الأسئلة ونفهم المزيد عن عالمنا.
مؤلف كتاب الكل يكذب: البيانات الضخمة والبيانات الحديثة وقدرة الإنترنت على كشف الخفايا
سيث ستيفنز – دافيدوتس: عالم بيانات واقتصادي أمريكي ولد في سبتمبر عام 1982م، ألف عدة مقالات في نيويورك تايمز كما قدم بعض المحاضرات في جامعة بنسيلفينيا، حصل على البكالوريوس في الفلسفة من جامعة ستانفورد، ثم حصل على دكتوراه في الاقتصاد بجامعة هارفارد بعام 2013م، ألف كتابًا آخر بعنوان:
– لا تثق في حدسك: استخدام البيانات للحصول على ما تريده حقًّا في الحياة.
معلومات عن المترجم:
أحمد الأحمري: مترجم وكاتب سعودي الجنسية، يعمل عضوًا في هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود، وترجم كتاب:
– التطور الثقافي في العصر الرقمي.