البنى الكونية
البنى الكونية
تعد المجرات هي الوحدات البنائية الأساسية للكون، لكنها ليست أكبر البنى التي يمكن رؤيتها لأنها تحب التجمع معًا، والمصطلح المستخدم لوصف التجمع المادي للعديد من المجرات هو (عنقود المجرات)، أو (العنقود المجري)، فمن الممكن أن تتفاوت هذه العناقيد بشدة من حيث الشدة والثراء، ومجرتنا “درب التبانة”، على سبيل المثال، عضو فيما يسمى بالمجموعة المحلية من المجرات، وهي عنقود صغير نسبيًّا من المجرات، بينها مجرة واحدة كبيرة هي مجرة أندروميدا.
على النقيض من هذا، هناك ما يسمى بالعناقيد المجِّرية الثرية، والمعروفة باسم “عناقيد أبيل”، التي تحتوي مئات أو حتى آلاف المجرات في منطقة لا تتجاوز ملايين قليلة من السنوات الضوئية عرضيًّا، وما بين هذين النقيضين تتوزَّع المجرات في منظومات متفاوتة الكثافة على نحو تدريجي (أو هرمي)، أما المصطلح المستخدم لوصف الطريقة التي تتوزَّع بها المجرات عبر المسافات الكونية فهو “البنية واسعة النطاق”.
وكان توزيع هذه البنى يتحدَّد أولًا بواسطة عمليات المسح الطيفي، ثم صار يتحدَّد بواسطة الإزاحة الحمراء، ونظرًا إلى أن توزيع المجرات يتسم بعدم التناسق الشديد، وأننا ليس بوسعنا معرفة هل البُنى التي نراها حقيقية مادية، أم محض تأثيرات إسقاط عشوائية؟ صارت الأداة الأساسية لعلم وصف الكون هي الإزاحة الحمراء، وقد بيَّنت عمليات المسح الرصدية الحديثة أن العناقيد المجرية المنفردة ليست أكبر البنى، فالمجرات ليست موزعة في “فقاقيع” شبه كروية، وإنما تمتد في بِنى شبه خطية تسمى “الخيوط”.
أو في بنى مسطحة أشبه بالألواح على غرار تلك البنية المسماة “السور العظيم”، وهي أشبه بتجميعة ثنائية الأبعاد تقريبًا من المجرات، ويكمل هذه البنى مناطق شاسعة من الفضاء الخاوي تقريبًا، هذه الفراغات تحتوي عددًا من المجرات أقل بكثير من المعتاد، وقد لا تحتوي أية مجرات على الإطلاق، وقد رصدت فراغات كثافتها تقل عن 10% من متوسط الكثافة، وهو أمر غير مفاجئ لأنه من الضروري أن توجد مناطق ذات كثافة أقل من المتوسط ليكون هناك مناطق أخرى ذات كثافة أكبر من المتوسط.
الفكرة من كتاب علم الكونيات: مقدمة قصيرة جدًّا
يعدُّ علم الكونيات هو العلم الذي يهتم بالدراسة العلمية لكل ما في الكون كبيرًا كان أم صغيرًا، بَدءًا من المجرات والنطاق الفلكي للنجوم وصولًا إلى العالم المجهري.
في هذا الكتاب يحاول بيتر كولز التعرض لهذا العلم تاريخيًّا؛ مبينًا كيف تطوَّر، وكيف جمع بين مفاهيم متعددة على مر مسيرته، وأهم إنجازاته وتأثيرها في فهمنا للكون، وعلى ما تلاها من نظريات، وكيف مهَّدت التحسينات التكنولوجية طرقًا جديدة في الاستكشاف.
مؤلف كتاب علم الكونيات: مقدمة قصيرة جدًّا
بيتر كولز Peter Coles: أستاذ الفيزياء الفلكية بجامعة نوتنجهام، ولد في 4 يونيو 1963 في نيوكاسل أبون تاين في المملكة المتحدة، وشارك في تأليف كتابين دراسيين عن علم الفلك وما يربو على مائة مقال فني متخصص عن مختلِف جوانب نظرية الانفجار العظيم، حاصل على زمالة معهد الفيزياء، وهي جائزة تُمنح من معهد الفيزياء في لندن للفيزيائيين الذين يبدون مستوًى مرتفعًا جدًّا في الفيزياء ويقدمون مساهمة بارزة في هذه المهنة، وألَّف أيضًا كتابَي «أينشتاين ومولد العلم الكبير»، و«هوكينج وعقل الإله».