البقاء لمن؟
البقاء لمن؟ سؤال سمعنا له إجابات عدة، ولكن الأكثر تداولاً: البقاء للأقوى، وهذه إجابة الحضارة الغربية التي بها يفصح النموذج عن وجهه المادي الصارم، وقد وصلت هذه الإجابة إلى صيغتها وصورتها النموذجية في أعمال داروين ونيتشه، إذ اعتبرت أن النطاق الطبيعي المادي هو نطاق حياة الإنسان، وقوانين الغابة في نظرها لا يجب أن تختلف كثيرًا عن قوانين بني البشر، والسؤال المطروح أمامها أيضًا: لماذا تختلف أساسًا؟
هذه الرؤية تجعل الصراع سيد الموقف، والمشاحنة الناتجة عن التنافس بشراسة عنوانًا للكتاب، والإنسان عدوًّا للذي كان أخاه الإنسان، والقوة معيارًا ومُشكلًا للأطر المعرفية والأخلاقية، بالإضافة إلى أن الحضارة الغربية الحديثة تنطلق من رؤية تنظر إلى العالم باعتباره آلة، وأن الهدف من الوجود أن يتحكم الإنسان في هذه الآلة ويستخدمها من أجل المنفعة واللذة.
فيصبح البقاء هنا للإنسان الاقتصادي (الأقوى) الذي يخضع تمًامًا للدوافع والظروف الاقتصادية (المنفعة المادية، الرغبة في مراكمة الثروة، وسائل الإنتاج، الرغبة المتزايدة في الاستهلاك)، وهو يعيش داخل آليات المصنع والسوق لا يمكنه تجاوزها بل يُوظف في خدمتها، فنراه ينتج ليستهلك ويستهلك لينتج من جديد دون معنى لأي من العمليتين، وبقاء آخر للإنسان الجسماني (الأقوى) الذي يعيش من أجل اللذة، وحياته تكتسب المعنى من خلال معدلات استهلاكه، وفي ظل هذا يأتي فناء الإنسانية وموت القيم وتهتك المعايير الأخلاقية وتجاوز الحدود الدينية.
الفكرة من كتاب العالم من منظور غربي
هل تعيش السمكة خارج الماء، أو يعيش الفيل على أغصان الأشجار؟! هل يمكن تعميم سمات بيئة معينة لتصبح فرضًا على الجميع وإذا فكر أحدهم في التخلي عنها يتم إتهامه بالتخلف والجهل والرجعية؟! هل يجدر بالعالم أن يرتدي كله ثوبًا واحدًا والأصل فيه تعدد الألوان والأنواع والأشكال؟
كل هذه الأسئلة وأكثر ستجدها في هذا الكتاب ضمن مناقشات وافية وأمثلة توضيحية شاملة وأفكار رصينة ترسم الصورة وأسلوب دقيق يلون تفاصيلها.
مؤلف كتاب العالم من منظور غربي
د.عبد الوهاب محمد المسيري (١٩٣٨ – ٢٠٠٨) هو مفكر وعالم اجتماع وكاتب مصري. تخرج في كلية الآداب جامعة الإسكندرية بقسم اللغة الإنجليزية عام ١٩٥٩ ليتعين معيدًا فيها. حصل على درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي المقارن عام ١٩٦٤من جامعة كولومبيا وعلى الدكتوراه من جامعة رتجرز عام ١٩٦٩ وذلك خلال سفره للولايات المتحدة الأمريكية. وبعد عودته إلى مصر درَّس في جامعة عين شمس وعدة جامعات عربية أهمها جامعة الملك سعود. صدرت له عشرات الدراسات عن إسرائيل والحركة الصهيونية، ويعتبر واحدًا من أبرز المؤرخين العالميين والمتخصصين في الحركة الصهيونية.
ومن أهم أعماله موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية أحد أكبر الأعمال الموسوعية العربية في القرن العشرين.