البعدُ المزدوجُ للفسلفة والفلسفةُ بالإنابة
البعدُ المزدوجُ للفسلفة والفلسفةُ بالإنابة
إذن، نحنُ أمام دعوة أرسطية للتفلسف، دعوةٍ عامة / خاصة، لانطوائها على بُعدٍ مُزدوج؛ فالدعوةُ الخاصةُ تَطالُ ثُلةٌ من الفلاسفة ليس إلا، لأن الاعتناءَ بما هو فكريٌّ مُجرّد، وفَهمَ الطريقةِ التي يعملُ وَفقَهَا هذا العالَم، هو شيءٌ خاص بفئة مُحدّدةٍ من الناس، تكون قد نَذَرَت حياتَهَا لهذا الشيء، ودفعت به ناحيةَ حُدوده القصوى.
والدعوةُ العامة، من ناحيةِ الإمكان الذي تحْمِلُه، تدعو لتأسيسِ إنسانٍ مُطلّع على الأسباب، قبل أن يُباشرَ عمَلَهُ أو حرفتَهُ أو مِهنتَه، حتي يكونَ أكثرَ إحكامًا وإتقانًا، ولديه القدرةُ على التحكّم بمجريات الأمور بعقله أولًا، قبل أن ينتقلَ إلى الواقعِ العملي كمرحلةٍ تالية،
أي تدعو لجعل الإنسان فاهمًا أو مُلمًّا بالأسس النظرية، لما يريد تطبيقَهُ على أرض الواقع؛ تُحَوِلُّهُ من إنسان عادي إلى (ميني فيلسوف)، أو فيلسوفٍ بالإنابة، أو فيلسوفٍ من غير أطروحة فلسفية، فهو مُندمجٌ في الحياةِ الواقعية؛ لكنْ ثمةَ أنماطٍ بدائية تُشكِلُ معالمَ حياتِهِ الواقعية التي يعيشُها، أو بالأحرى، يمارسُ نشاطَهُ الإبداعيَّ فيها، سواءً أكان حَدادًا أو نجّارًا أو مُمثلًا أو راقصة أو موسيقيًّا؛ فهو يُؤسسُ لنشاطِهِ الواقعي بمعيارٍ ذهني أولًا، لكي يكون نشاطُهُ الواقعيُ أكثر إحكامًا، بما يُبرز وجودَهُ ككائنٍ عاقل، مقارنةً ببقية الكائنات.
الفكرة من كتاب دعوة للفلسفة
يبدأ أرسطو دعوته للفلسفةِ بالإشارةِ إلى أهميتِها، والتساؤلِ عن الفضيلةِ والخير، ويوضحُ أن كليهما لا يمكن أن يتحققَ، إلا عن طريق معرفةٍ مُتقنَةٍ ورصينة للفلسفة. ويتابعُ حُجَجَهُ ليبيّنَ أن السعادةَ البشرية تقومُ على فاعليّةِ العقل.
يؤكد أرسطو أن القيمةَ المعنوية للإنسان، وانزياحاتِهِ ناحيةَ الداخل، أكثرُ أهميةٍ من قيمتِهِ الماديةِ وتوقعاتِهِ الخارجية.
مؤلف كتاب دعوة للفلسفة
أرسطو طاليس، فيلسوفٌ يُوناني، تتلمذ على يدِ أفلاطون، ويعدُّ واحدًا من عظماءِ المفكرين، ومن أهم مُؤسسي الفلسفةِ الغربية. عَمِلَ على تفسيرِ الطبيعة مُعتمدًا على براعَتِهِ في المُلاحظة، والاستنتاج، والمنطق.
يعدُ ثاني فلاسفةِ الغرب قَدْرًا بعد أفلاطون، ويُعتبرُ صاحبَ الفضلِ الأول في دراستِنَا اليوم، للعلومِ الطبيعية، والفيزياءِ الحديثة، وهو مُبتدعُ علمِ الأخلاق، الذي لا يزالُ من المواضيعِ التي لم يكُفْ البشرُ عن مناقشتها حتى اليوم.