البطل عند الوثنيين
البطل عند الوثنيين
يعتقد الكاتب أن التاريخ العام -تاريخ ما أحدث الإنسان في هذا العالم- هو تاريخ مَن ظهر من العظماء، دون غيرهم، وأهم ما في الرجل العظيم هو دينه، والمقصود به اعتقاده الذي يوقن به كل اليقين فيما يتعلق بالروابط الجوهرية التي تربطه بأسرار هذا الكون، وما يتعلَّق بواجبه في هذه الدار ووظيفته، لا ملته، أو نحلته، لذا كان السؤال عن دين الرجل سؤالًا عن روح تاريخ الفرد أو الأمة، فالدين هو أهم شيء، ومن هنا كان وجه البحث هو الوجهة الدينية.
وأول أبطالنا هو أودين الذي عبده قدماء السويد والنرويج منذ ثمانمائة عام، حيث كانوا ينظرون إلى البطل على أنه الإله، وهذا أقدم أشكال البطولة، وسر الوثنية التي رأت البطل إلهًا هو إفراط العجب والاندهاش من الشيء وإجلاله حتى تصير نظرتهم إليه نظرة تقديس وعبادة، فكان كل شيء في نظر أولئك الأقدمين رمزًا إلى شيء إلهي أو إله، وهذا ما كان في طاقتهم مما توافر لهم من عقلٍ وفَهم، وعبادة الأبطال أشرف أركان الوثنية وأكرم عناصرها، وترى الآن ولاء الصغير للكبير الذي هو روح المجتمع فرعًا من عبادة الأبطال، فهذه العبادة أساس المجتمع وما يقوم عليه التواصل بينهم.
وجوهر هذه الوثنية الإيمان الصريح بقوى الكون، واعتبارها آلهة شخصية، حيث كان الفكر بدائيًّا، وذهب المؤرخ “سنورو” أن أودين كان أميرًا وفارسًا في بقعة بقرب البحر الأسود، وله اثنا عشر تابعًا كلهم سيد عشيرته، بعد أن ضاقت بهم بلادهم ذهبوا ناحية الشمال بعد أن فتحوا تلك الأقطار، وأنه اخترع الحروف الأبجدية والشعر وغيرهما، ثم آل الأمر إلى أن اتخذه سكان اسكاندينافيا إلهًا معبودًا واعتبروا أتباعه أبناء له وآلهة.
إن هؤلاء الوثنيين كانوا يرون الموت في غير مواطن الحرب عارًا، ولو أحس أحدهم باقتراب الموت أحدث جراحًا في بدنه تقربًا لـ”أودين”، وكان الملوك إذا أشرفت منيتهم أمروا بأن يُجعلوا في سفن ثم ترسل إلى اليم تدبُّ في خشبها نار بطيئة الحركة، فإذا هبَّت الريح تأجَّجت هذه النيران ويلقى البطل حتفه بوحشية قاسية ولكنها شجاعة.
الفكرة من كتاب الأبطال
“لقد أصبح من العار على أي فرد متمدين من أبناء هذا العصر أن يصغي إلى ما يظن من أن دين الإسلام كذب وأن محمدًا مخادع مزور، وآن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة”..
يحاول توماس كارليل في كتابه هذا شرح معنى عبادة البطولة وأسباب تقديس العظماء على مر العصور، فيبدأ بالقدماء وعقيدتهم الوثنية وصولًا إلى وقته المعاصر ضاربًا أمثلة مختلفة بأسلوب بياني بديع.
مؤلف كتاب الأبطال
توماس كارليل Thomas Carlyle: كاتب اسكتلندي وناقد ساخر ومؤرخ، ولد في الرابع من ديسمبر عام 1795 ودرس القانون والأدب الألماني، وتأثَّر بالفلسفة المثالية الألمانية وكتب عن الثورة الفرنسية كتابًا يقع في مجلدين ضخمين عن اضطهاد الفقراء وحقق نجاحًا كبيرًا، وكان بعنوان “تاريخ الثورة الفرنسية”، كما كتب أيضًا “محمد المثل الأعلى”، و”فلسفة الملابس”، وتُوفِّي في 5 فبراير 1881 في لندن.