البطالة وانعدام الإبداع وما بينهما
البطالة وانعدام الإبداع وما بينهما
إن البطالة بأسلوب بسيط هي التعطُّل عن العمل النافع، أما علميًّا فهي عدم تكافؤ المنتج مع الجهد المبذول فيه وأسبابها كثيرة، ومنها مثلًا المعدلات المتزايدة للمواليد في المجتمعات الإسلامية بسبب التخلُّف السائد وما تنتجه من زيادة ضخمة للفئات التي تحتاج إلى الإعالة، وبالتالي زيادة المشقَّة الاقتصادية على كواهل الطبقة العاملة، وتصبح تلك المعدلات العالية في سن العمل مما يسبب عجزًا في توفير فرصٍ لها، كذلك تتناسب دخول المواطنين مع البطالة وتعامل الحكومة معها، وفي الدول المتقدمة حيث الدخول المرتفعة والرخاء الاقتصادي تجعل الحكومة تقدم الإعانات لنِسب العاطلين الصغيرة على نحو مقبول على عكس الدول الإسلامية.
وتختلف أنواع البطالة بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة، ففي الدول المتقدمة البطالة إما بطالة تقنية أي بسبب التوسع في استخدام الماكينات الحديثة والآلات الثقيلة التي تحجِّم دور العامل البشري فيلجأ أصحاب المصانع إلى تقليص العمالة، وإما بطالة دورية تحدث عند الوصول إلى فائض من السلع في الأسواق فيتوقف تصنيع تلك السلعة لفترة مؤقتة حتى يزداد الطلب عليها مجددًا.
أما البطالة في الدول الإسلامية فلها عدة أنواع: النوع الأول هو البطالة المكشوفة، أي إن العدد المؤهل للعمل من القوى البشرية لا يجد عملًا وهو النوع الأسوأ، والنوع الثاني هو البطالة الاحتكاكية وتعني وجود فرص عمل محدودة يتزاحم عليها عدد كبير من البشر، والنوع الثالث هو البطالة الموسمية مثل المزارعين، والنوع الأخير هو البطالة المقنَّعة وهم هؤلاء الناس الذين يعملون أعمالًا يومية لا تكفيهم على الأرصفة مثلًا.
وما تنتجه البطالة لا يتمثَّل فقط في الجوانب الاقتصادية المباشرة والمعاناة الملقاة عليهم وعلى من ينفقون عليهم وعدم وجود وظائف تسد احتياجاتهم المختلفة، وإنما هناك جوانب أكثر عُمقًا تتعلَّق بمصير المجتمع ككل، بل الأمة ككل، وهي أن البطالة تخلق نوعًا من محدودية الذكاء والإبداع، فالإبداع لا يرتبط بمكانٍ دون الآخر.
الفكرة من كتاب نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي
يُعرَّف المجتمع على أنه ليس مجرد مكان يتعايش فيه الناس، وإنما هو علاقات تجمعهم وروابط تشملهم وتوجُّهات مشتركة وهموم يهتمُّون بها وانتصارات ترقى بهم كلهم وهزائم يعانون مرارتها معًا أيضًا..
يحدثنا الكاتب عن المجتمع الإسلامي والطبقات التي كوَّنته عبر العصور، والتحديات التي واجهته حتى أضعفته ومزَّقت أواصر اتحاده وجعلت أبناء الأمة متفرقين فُرادى حتى وقعوا في قبضة المستعمرين، موضحًا سمات ذلك التخلف الذي حلَّ بالحضارة الإسلامية نفسيًّا وماديًّا، وكيف أثر ذلك في نواحي الحياة المختلفة.
مؤلف كتاب نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي
عبد الكريم بكار: مؤلف سوري ولد عام ١٩٥١، حصل على درجة الماچستير من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر ثم درجة الدكتوراه من الكلية نفسها، تدرَّج أكاديميًّا كمحاضر في الجامعات السعودية، له العديد من المؤلفات الإسلامية في مجالات التربية والفكر والتأصيل، أشهرها: “من أجل شباب جديد”، و”العولمة” و”العيش في الزمان الصعب” و”تجديد الوعي”.