البشرية إلى الوثنية مجددًا.. مسؤولية المسلمين
البشرية إلى الوثنية مجددًا.. مسؤولية المسلمين
لقد طغت هذه الدول وتجبرت وأخذت بزمام العالم تقوده إلى الحضيض، يظنون أنفسهم راقين إلى العلا وإذا بهم نازلين إلى أسفل سافلين، وأصبحت مذاهبها هي المُسيطرة ولا ترى لها غريمًا، والحقيقة أن هذه الصراعات الدولية بين هؤلاء الجبابرة ذات منبع واحد، فهم ليسوا أعداء لاختلاف مُعتقداتهم إنما هم أعداء لاتفاقهم على هذه المبادئ وتجلت نتائجهم في الدول التي تبعتهم من حروب أهلية ومذابح طائفية، والحقيقة التي لا تُرضي الجميع أن هذا العالم لا ينصلح حاله إلا بما صلح به سابقًا وبما قدر الله تعالى، فلا يقدر على إزاحة هذه المادية الوثنية من على صدر العالم إلا من أزالها من قبل وإن اختلفت أديان اليوم عن سابقتها، فقد اتفقت في سفك الدماء واستعباد البشر.
هذه النهضة والثورة المتجددة على أشباح الماضي الوثني لا تتم بالرضوخ لهذا الواقع وإنما بإيجاد ما ينقصه، وما ينقص عالم اليوم ويزداد شحًّا كل يوم هو التربية الدينية والرسالة الروحية التي نقصت في نفوس المسلمين يومًا بعد يوم حتى إذا لجؤوا إليها وجدوها أثرًا بعد حين، وليتوجهوا إلى علومهم التي هجروها وتركوها للمستشرقين يرعونها وينشرونها فيهم، ثم إن العالم العربي هو ذُخر الإسلام ومحل ديانته، وفي العصر الحديث هو أيضًا موضع ثرواته، ولا قيادة ولا استقلال للعرب دون تلك الروح التي هيأتهم للحضارة وأخرجتهم إلى العالم، إن أي نهضة إسلامية أو عربية لا يكون في مركزها محمد ﷺ ودعوته لن تغني عنهم شيئًا، فالمسلمون عندما يحاربون هذه القوة القاهرة لا يحاربونها بقوة المادة أو تفوق السلاح وإنما بما انطوت عليه قلوبهم، فعليهم أن يعلموا أن تضحياتهم هي طريق الخلاص للبشرية، وأن يجتهدوا في مداواة أقوامهم من الأمراض التي تراكمت عليهم من طول عهدهم بالانحطاط، وأن يعلموا أن أمة تستعين بفكر غيرها وسلاحه ومعونته مكتوب عليها الذل حتى تتخلص من أدوات الإخضاع، والعالم العربي مليء بالمواهب والقدرات التي تسمح له بالتخلي عن كل ما يُعيقه والبدء في طريق التحرر الطويل، وهذا رجاء العالم الإسلامي بأكمله وغايته، ولكن لسنن التاريخ يبدو أن على العرب أن يكونوا في الطليعة.
الفكرة من كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين
إن معاناة العالم الإسلامي من آثار الحضارة الحديثة لم تُصبه في دنياه فقط، وإنما سلبته أهم ميزاته وقواه ألا وهي نزعته وتربيته الروحية، لقد أيقظ النبي ﷺ هذه النزعة ونقاها من شوائب الجاهلية ووجه هذه المواهب إلى حيث تبرز وتنتج، يتابع أبو الحسن التيارات والأفكار التي سيطرت على البشر منذ خفوت الزعامة الإسلامية ومدى تأثيرها في حاضر البشر، وهل هي جديرة بهذه القيادة، ثم يحدد الشروط اللازمة لاستعادة المسلمين هذه الزعامة.
مؤلف كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين
أبو الحسن الندوي المفكر الإسلامي الهندي، ولد بقرية تكية عام 1914م وينتهي نسبه إلى الإمام علي بن ابي طالب، درس القرآن والحديث والتفسير في ندوة العلماء بكلية دار العلوم، ثم بدأ عمله بها مدرسًا للتفسير والأدب العربي، أسس العديد من الحركات والمؤسسات الدينية مثل حركة رسالة الإنسانية والمجمع الإسلامي العلمي، له العديد من المؤلفات من أهمها:
مختارات من أدب العرب.
رجال الفكر والدعوة في الإسلام.
قصص النبيين للأطفال.