البرهان.. مجرد قصص!
البرهان.. مجرد قصص!
اطلب، آمن، ثم تلق.. ثلاثية السر؛ ليس عليك سوى أن تطلب ما تريد وترسل طلبك إلى الكون، إلى الفراغ وتنتظر، لكن انتظر بإيمان وثقة أن طلبك سيتحقق، وبعدها تمتع وافتح يديك للأماني المحققة.
وصفة سهلة جدًّا، ولكي يزيد كتاب السر من مصداقيتها يروي لك القصص والتجارب التي ما تعدو أن تكون إما مصادفة وإما ادعاء واختلاقًا لإثبات صحة النظرية التي لا يمكن إثباتها تجريبيًّا أو عمليًّا، لأنها قد تتحقق في حالات فيقال لك: أرأيت؟ هذا عمل السر، وعندما لا تتحقق يقال لك: أنا لم أحدد وقتًا زمنيًّا ولم أعدك بمدة معينة يحقق لك فيها الكون ما تريد!
إذًا هي في النهاية ثلاثية متهافتة، غير ثابتة علميًّا، غير مبرهنة بدليل، فقط قصص لا يُعلم صدقها من زيفها، وإن برُهن عليها من خلال العلم فيكون ذلك عن طريق الطاقة، الترددات، الموجات المغناطيسية ونحو ذلك!
وفي محاولة منه لإنصاف ذاته بل وإبعادها عن المساءلة القانونية، يحاول السر أن يجمع بين الجذب والأخذ بالأسباب، خصوصًا في قصص المرضى المصابين بأمراض حادة أو عصية على العلاج، فهنا ينصحك السر بالتدخل الطبي لكن مع ضرورة جذب الشفاء بالطبع، ثم إذا شُفيت ونجوت نسب ذلك إلى ماذا؟ أحسنت، نسبه إلى السر! بل وإذا كنت فقيرًا وتريد الحصول على المال، يوفر لك بنك الكون شيكًا فارغًا حصريًّا في كتاب السر، يمكنك أن تطبعه وتكتب عليه المقدار الذي تريده وتضعه في مكان واضح أمامك وتنظر إليه كل يوم وتتخيل نفسك وأنت تستمتع بذلك المال!
الفكرة من كتاب خرافة السر
أطل علينا قبل عدة سنوات كتاب صُدر إلينا من الغرب المادي، كتاب يدعي أنه يمكنك أن تحقق وتحصل على كل ما تريد فقط من خلال إعمال عالم الأفكار، وظهر لنا بفكرة يحسبها جديدة وهي في الأصل قديمة، ألا وهي فكرة قانون الجذب، القانون الذي يعمل دائمًا، القانون الذي يضمن لك كل خير أو شر بحسب أفكارك أنت، فهو لا يدعو إلى التفاؤل أو الإيجابية المحفزة على العمل كما حسبه الكثيرون السذج من القراء العرب، وإنما يقرر صراحة أن كل شيء حصل لك فهو بسببك، بسبب جذبك له، ومن ثم تستطيع الحصول على ما تريد وتجنب ما لا تريد من خلالك أنت، فأنت أقوى مغناطيس في الكون، وتستطيع أن تتحكم في مادياته!
كلام متهافت كهذا، كيف رُوِّج للعامة؟
بالطبع من خلال الإعلانات، ومن خلال “الأكثر مبيعًا في العالم”، ولأنه يتحدث بلغة سهلة مبسطة عن تسهيل الحياة وتحقيق الأماني وهو الكلام المحبب إلى كثير من الناس، وأيضًا تم الترويج له على أنه من تلك الكتب التي تعزز الثقة بالنفس، وتكسر الحواجز النفسية المانعة من تحقيق الأهداف واستثمار المواهب.
وحتى لا نقع في ما وقع فيه الكثير من القراء الشباب، تعال نلقي نظرة حول هذا النقد لذلك السر الذي لم يكن سرًّا!
مؤلف كتاب خرافة السر
عبدالله العجيري: باحثٌ ومُفكِّر ومهندِس سعودي، حاصل على بكالوريوس أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وبكالوريوس هندسة الحاسب الآلي من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، كما حصل على درجة الماجستير عن رسالة بعنوان: برهان الإتقان على وجود الله ودفع شبهات المخالفين عنه، في جامعة الملك فيصل، يعمل حاليًّا مديراً لمركز تكوين للدراسات والأبحاث، مهتم بمنهج الفقه الإسلامي وبالمذاهب العقدية والفكرية، له العديد من المؤلفات والأبحاث والمقالات المنشورة، وله عدد من الكتب المطبوعة، مُحِب للقراءة منذ الصغر، وكانت بدايته مع الثقافة الجادة مع كتاب «صور من حياة الصحابة» للشيخ عبد الرحمن رأفت الباشا.
من مؤلفاته:
شموع النهار.
زخرف القول.
ميليشيا الإلحاد.