البرنامج العملي للعالِمية
البرنامج العملي للعالِمية
البرنامج الذي يعتمده الأنصاري (رحمه الله) قائم على “منهج التخرُّج على الكتب”، وهو منهج قديم لمع به العلماء السابقون، أي دراسة الكتب العلمية تحت رعاية الأشياخ والأساتذة، وعبر هذا يتكون طالب العالِمية التكوين العلمي السليم، ويصبح راسخًا ومؤصلًا في كل فن يدرسه، وذلك عبر مدارسة الكتاب على الأستاذ بمجالس مرتَّبة، فصلًا فصلًا ومطلبًا مطلبًا، عبر القراءة المتأنية ومناقشة القضايا المتعلقة بالمقروء، وبحث الإشكالات الواردة عليها.
أغلب كتب المنهج المقترحة هي من عيون مكتبة التراث الإسلامي وأمهات مصادر العلوم الشرعية، ومن خلالها أنجبت الأمة الإسلامية عشرات، بل مئات العلماء الربانيين عبر العصور، على خلاف ما يحدث في أيامنا هذه من مقرَّرات تدرس في الكليات والمعاهد الشرعية هي ملخصات جزئية، يخلصها الطالب بعد ذلك من أجل النجاح في الاختبار، بما يؤدي إلى تلخيص الملخَّص وتفتيت المفتت! فيخرج الطالب الجامعي من الدراسة الشرعية الأكاديمية وقد تعرف على عدة أشياء متفرِّقة في العلوم الشرعية، لكنه لم يتقن أي شيء على الإطلاق!
والمنهج المقترح يقسم كل مادة إلى مستويين؛ الأول هو “كتاب التخرج” بمثابة مرحلة البداية في الفن، ثم ينتقل بعدها طالب الربانية إلى كتاب “استكمال التكوين”، وهو مرحلة المطالعة الشخصية والمذاكرة الفردية، بعدما أتقن مصطلحات الفن المدروس في المرحلة الأولى، فتتكون الدراسة لكل فن على مرحلتين.
ويرشِّح المؤلف عناوين لمؤلفات في مختلف الفنون التي تندرج تحت الأصول الأربعة؛ نصوص الوحي، والعلوم الشرعية، وعلوم اللسان العربي، وفقه الواقع منها: أحكام القرآن لأبو بكر بن العربي، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ورياض الصالحين للنووي، وصحيح البحاري وصحيح مسلم بتحقيق الألباني، وكتاب زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم، والقوانين الفقهية لابن الجزي، وشرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، وغيرها.
الفكرة من كتاب مفهوم العالِمية من الكتاب إلى الربانية
يعد هذا الكتاب دراسة تحليلية في مفهوم العلم وصفة العالمية وظيفةً وبرنامجًا من خلال وصية علمية منهجية تربوية وضعها الإمام أبو الوليد الباجي المالكي المُتوفَّى في القرن الخامس الهجري لأبنائه، ويأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة كتب الأنصاري الدعوية التي حملت عنوان “من القرآن إلى العمران”، ويستهدف من خلال كتابه هذا بيان حقيقة صفة “العالم” بمعناها الشرعي، وقد عمل الأنصاري على دراسة وصية الباجي وشرحها وتوضيحها لبيان ما يلزم الطالب ليكون عالمًا بحق، ووضع برنامج تكويني في مجال العلوم الشرعية.
إن ما دعا الكاتب إلى تأليف هذا الكتاب أربعة أمور؛ أولها أن تجديد الدين يبدأ بتجديد العلم كما جاء في النصوص الشرعية المتواترة، فالعلم هو بدء كل شيء في الدين، وهو أساس كل حركة في الدعوة إليه تربية وتزكية، وثانيها موت عدد كبير من علماء الجيل الذي سبقه في المشرق والمغرب، والثالث انقطاع تدريس العلم الشرعي على وجهه الحقيقي، مما أدَّى إلى انقطاع تخرُّج أجيال بالمفهوم الأصيل للكلمة، فهو ينبِّه في هذه الرسالة إلى ما ينبغي فعله لتحقيق مفهوم “العالمية”، وآخر ما دعاه إلى تأليف تلك الرسالة انقضاض بعض أهل الأهواء والنوازع السياسية على وظيفة العَالِمية والتلبُّس بها بغير وجه حق.
مؤلف كتاب مفهوم العالِمية من الكتاب إلى الربانية
فريد الأنصاري: أديب وعالم دين مغربي ولد عام 1969، حاصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، تخصُّص أصول الفقه، من كلية الآداب، جامعة الحسن الثاني، المحمدية (المغرب)، وهو حاصل على دبلوم الدراسات العليا (نظام تكوين المكونين)، والماجستير في الدراسات الإسلامية، تخصُّص أصول الفقه، من كلية الآداب، جامعة محمد الخامس، الرباط، وحاصل على الإجازة في الدراسات الإسلامية من كلية الآداب، جامعة محمد بن عبد الله، وتُوفِّي في نوفمبر 2009.
من أشهر مؤلَّفاته: “مجالس القرآن”، و”جمالية الدين”، و”أبجديات البحث في العلوم الشرعية”، و”قناديل الصلاة”، و”بلاغ الرسالة القرآنية”.