البراجماتية
البراجماتية
ارتبطت الفلسفة البراجماتية بالولايات المتحدة الأمريكية، فبعد أن كانت في بداية نشأتها تعكس بشكل سطحي الفلسفات الأوروبية الكبيرة، أصبح لها نتاجها الفلسفي والفكري الخاص، وتضم الفلسفة البراجماتية جميع المذاهب الفلسفية التي تتخذ معيارها من النفعية العائدة للفرد، فصحة أي فكرة تعتمد على ما تؤديه نتائجها من نفع إن طبقناها، بدأت مع تشالز بيرس وتطورت مع مؤسسها الحقيقي عالم النفس الأمريكي ويليم جيمس.
اتخذت البراجماتية معيارًا لحسم الخلافات الغيبية من حيث النظر في نتائجها العلمية، وتنقسم إلى عدة أقسام: القسم الأوّل: الإنسانية وهي تحقيق الرغبات والأغراض الإنسانية، القسم الثاني: التجريبية وهي إمكانية قياس النفع بصورة مادية، والقسم الثالث: البيولوجية وهي تأقلم الفرد وتوافقه مع بيئته ونموه.
رفض الكثير من فلاسفة البراجماتية ربطها بنشأة أمريكا، وادعوا وجود جذور عميقة لفلسفتهم تعود إلى السفسطائيين وأرسطو وأفلاطون وأبيقور وستيوارت مل وغيرهم، رغم استخدام هؤلاء البراجماتية بصور جزئية.
اعتمدت البراجماتية على المنهج العلمي التجريبي، واتجهت إلى الطبيعة محاولة وصفها وتفسيرها، وأثرت نظرية التطور بشكل كبير في صياغة مفهوم المنفعة، وكذلك استعارت من النزعة الرومانسية اعتبارها بأن العاطفة والحس مصدر للنفع والإشباع، والتأكيد المستمر على فردانية الإنسان، كما خالفوا مثالية هيجل وآمنوا بتعدد صور الوجود.
أكثر ما اشتهرت به البراجماتية معيارها للحقيقة، فيجب أن تطابق الفكرة الأحداث والوقائع الخارجية، أو تتسق نتائج تطبيقها مع المسلمات، مع الاحتفاظ بالقيمة الفورية العائدة كمحك علمي، ومما أخذ على البراجماتية أنها لا تبحث عن الحقيقة بل تستبعد الأخطاء، كما أن مصطلح المنفعة ضبابي لا إطار يحكمه، بالإضافة إلى عدم قدرتنا على الحكم أو تقييم كل النتائج في لحظتنا الحالية، وتركيزها على الفردية مما ينكر الأمور الغيبية كالدين، الذي قبله وليم جيمس بسبب نفع المعتقدات الروحية لأخلاق الإنسان وحمايته من الفوضى.
الفكرة من كتاب مقدمة في الفلسفة المعاصرة
لطالما تم اعتبار الفلسفة شيئًا معقدًا لا غاية له، وأن الفلاسفة أناس لا هموم لهم، ينعزلون عن حياة المجتمع في برج عاجي ليتفرغوا للتنظير والتفكير في قضايا لا يهتم بها أحد سواهم، ولكن كلا الفكرتين نتاج سوء فهم كبير لطبيعة الفلسفة، فهي كأي علم له مصطلحاته الخاصة ويجب بذل جهد لدراسة مسائله التي يعتني بها، والنظر القاصر للفلاسفة إنما هو بسبب عزلهم عن محيطهم الاجتماعي والتاريخي، فالفيلسوف الحقيقي يعبر عن المشكلات التي تتصدر في عصره.
ولأن الفلسفة ظهرت مع ظهور الإنسان، فمن الصعب الإحاطة بكل تاريخها ومدارسها، ولكن سنكتفي بأن نعرض المدارس المعاصرة في الفلسفة، التي لها التأثير الأكبر في واقعنا، وهي بالترتيب: البراجماتية ثم الوجودية ثم البنيوية ثم التحليلية.
مؤلف كتاب مقدمة في الفلسفة المعاصرة
محمد مهران رشوان: دكتور مصري الجنسية ولد في عام 1939م بمحافظة سوهاج، حصل على ليسانس الفلسفة من جامعة القاهرة وظهر نبوغه، ثم حصل على درجة الماجستير في الدراسات المنطقية تحت إشراف الدكتور زكي نجيب محمود، ثم حصل على الدكتوراه عام 1974 م.
تعددت رحلاته الدراسية بين باريس ولندن والقاهرة وحتى الإمارات، وتدرج في الوظائف الجامعية حتى رأس قسم الفلسفة بجامعة القاهرة، ثم شغل منصب عميد كلية آداب بني سويف حتى عام 2005م.
له العديد من الإسهامات الفلسفية المهمة، أشهرها “مدخل إلى المنطق الصوري” و”مبادئ التفكير المنطقي” و “فلسفة برتراند راسل”.
محمد مدين: دكتور في كلية الآداب جامعة القاهرة، له مؤلفات مهمة في الفلسفة مثل: “الفلسفة الأمريكية المعاصرة” و”فلسفة هيوم الأخلاقية”.