البدعة التي غيرت شكل العالم
البدعة التي غيرت شكل العالم
جاء جورباتشوف السكرتير العام للحزب الشيوعي عام 1986 ببدعة جديدة مثلت بداية النهاية للاتحاد السوفيتي الذي استمر لثلاثة عقود، وللمعسكر الشيوعي، هذه البدعة هي ظهور ما سُمي بالروسية البيروسترويكا، أي إعادة البناء، وبمقتضاها أشار الزعيم السوفييتي إلى ضرورة إعادة النظر في سياسات بلاده الداخلية والخارجية، بل في تطبيقها للاشتراكية، وستُمنح على إثرها الدول الخاضعة للاتحاد السوفييتي الحق في تقرير مصيرها، إما بالاستمرار في الاتحاد أو الخروج منه، ثم أخذ يفكك أدوات بلاده التي أسهمت في استمرار الحرب الباردة، فحل منظمة الكوميكون، وحلف وارسو عام 1991.
وهكذا انتهت حقبة الثنائية القطبية التي استمرت بفعل التوازن النووي المتبادل بين قوتين كبيرتين، تلك الحقبة التي وإن كان الصراع الأيديولوجي فيها مستعرًا، فإنها سمحت في الوقت ذاته لدول العالم الثالث بهامش مناورة، فكونت كتلة عدم الانحياز عام 1955 إثر مؤتمر باندونج، الذي لعب فيها زعماء أمثال عبد الناصر في مصر، ونهرو في الهند، وتيتو في يوغوسلافيا دورًا رئيسًا، وتبنت سياسات قوامها الاستفادة مما تقدمه الدولتان القطبيتان دون أن تنحاز انحيازًا كليًّا لإحداهما، فاستطاعت مصر – مثلًا – أن تمول مشروع السد العالي وتستفيد من التسليح السوييتي، وتأمم قناة السويس بفضل ذلك التوازن القائم.
انهار الاتحاد السوفيتي ومعه تغير شكل العالم، فانفردت الولايات المتحدة الأمريكية بتقرير صورة التفاعلات الدولية، وأضحت هي سيدة العالم الأولى التي تفعل ما تشاء وقتما تشاء، فوظفت تفرُّد إمكاناتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهيمنتها على المؤسسات الدولية لا سيما الأمم المتحدة، في فرض قيمها على العالم، فراحت تبشر بنهاية التاريخ، وانتصار القيم الليبرالية والرأسمالية، كما سعت لمحاولة تنميط العالم، ليأخذ كل فرد فيه، في أي مكان، سمت المواطن الأمريكي، ليتبع كل الأفراد والدول معهم نفس أنماط الاستهلاك والثقافة.
الفكرة من كتاب التاريخ الدبلوماسي
إذا كنت تريد أن تعرف الحاضر وتتنبَّأ بالمستقبل، فعليك أن تقرأ التاريخ، ولما كان التاريخ هو ذاك العلم الذي يدرس التطور البشري في مجمله، ولما كان من العسير جدًّا أن نقرأ تطور التاريخ البشري في مؤلف واحد، فإن من الضروري تقسيم هذا التطور إلى أبعاد ومحاور موضوعية، نتمكن من خلالها تتبع التطور والتغير البشري في هذا المسار أو ذاك، وكتاب التاريخ الدبلوماسي هو أحد كتب التاريخ التي تتبع مسار البشرية في أبعاد تفاعلها على المستوى الدولي، خلال فترة زمنية مُحددة، كان لها تأثيرها البالغ في حياة كثير من الشعوب والأمم ولا تزال آثارها حاضرة حتى الآن.
مؤلف كتاب التاريخ الدبلوماسي
ممدوح منصور، وأحمد وهبان أستاذان في العلاقات السياسية الدولية، يشغل الأول – حاليًّا – منصب رئيس قسم العلوم السياسية بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية جامعة الإسكندرية، في حين عُيِّن وهبان عميدًا للكلية ذاتها.
لهما عدد من المؤلفات المشتركة، منها: مدخل إلى علم العلاقات الدولية، ومقدمة في العلوم السياسية. ولمنصور كتب حول: الصراع الأمريكي السوفييتي في الشرق الأوسط، وسياسات التحالف الدولي، والعولمة، أما وهبان فصدر له مؤلفات: الصراعات العرقية واستقرار العالم المعاصر، والعلاقات الأمريكية الأوروبية.