البحث عن الحقيقة
البحث عن الحقيقة
يشترك الناس في أن لهم موقفًا من العالم وأن لكل فرد فلسفته في الحياة، ولكن بعضهم أنكروا العالم المادي الملموس لأنه لا يُشبع فيهم نزعتهم الروحية ولا يؤدي بهم إلى معرفة الحقيقة التي يبغون معرفتها والاتصال بها، وهم موجودون في مختلف الأماكن والديانات ويقتنعون بوجود ظواهر روحية تتجاوز العقل البشري وتتفق في خصائصها ومميزاتها وتُسْتَمد من مصدر واحد، ويكرسون حياتهم إلى الوصول إلى الحقيقة والاتصال بها، عن طريق حالة روحية خاصة يدركون فيها الحقيقة إدراكًا ذوقيًّا لا يعتمد على العقل، ويدل على صدق تمسكهم بمبادئهم واتفاقهم في الغايات رغم اختلاف أماكنهم وأديانهم والتجارب الروحية التي يعيشونها، فهم يبحثون عن حقيقة واحدة ثابتة، وقائمة بذاتها وليست نتيجة لغيرها، ولا نهائية وليست مقيدة بالزمان والمكان.
من بين السبل التي سلكها الإنسان ليصل إلى الحقيقة طريقا الفلسفة والتصوف، وكل منهما مختلف عن الآخر، فالفلسفة بحث العقل عن طبيعة الوجود لوضع نظرية عن حقيقته ويمكن إقامة دليل عليها لتصديقها أو تكذيبها، أما التصوف فهو تجربة روحية يدركها الصوفي، مختلفة عن كل حالة تمر بها النفس الإنسانية، مع أن بعض الفلاسفة كانوا متصوفين، وبعض الصوفية كانوا فلاسفة، وذلك نتيجة لتفاعل النزعة العقلية والصوفية لديهم فحاولوا استخدام العقل لتفسير تجربتهم الروحية وتأييدها، فالتجربة الروحية مختلفة عن العلم والفلسفة وتتطلب العمل والمجاهدة، وينفرد التصوف بافتراض وجود حقيقة مطلقة يمكن الاتصال بها، وأن المعرفة لا تقتصر على الأشياء المحسوسة وما يصل إليه العقل من نتائج، فالصوفي يتجاوز مجال العقل إلى الوجدان والإرادة والحرية ويعيش حياة روحية يشعر فيها بسعادة كبيرة.
الفكرة من كتاب التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
يتناول الكاتب منهج أناس كان حب الله باعثهم على العبادة، آمنوا بحب الله وبإمكانية اتصالهم به، وكان منهجهم هذا ثورة على ما كان سائدًا من الالتزام بتعاليم الإسلام وعبادة الله بدافع الخوف، وكانت لهم مدارس ونظريات مختلفة، يعرضها الكاتب ويتناول أيضًا معنى التصوف ونشأته ومراحله.
مؤلف كتاب التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
أبو العلا عفيفي، مفكر وعالم بالفلسفة والتصوف الإسلامي، تخرج في دار العلوم وحصل على منحة في إنجلترا لدراسة التربية وعلم النفس ليحصل على درجة الدبلوم، وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة في جامعة كامبريدج، ثم عاد إلى مصر وعين مدرسًا للفلسفة في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وترقى ليتم تعيينه رئيسًا لقسم الفلسفة، انتدب للتدريس في جامعة الإسكندرية وجامعة لندن وكلية هاملتون بأمريكا لتدريس الفلسفة الإسلامية والمنطق والتصوف، وكان عضوًا في المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية.
نشر العديد من البحوث والمقالات العربية والإنجليزية في المجلات العلمية، وله العديد من المؤلفات منها (الملامتية والصوفية وأهل الفتوة) (فصوص الحكم لابن عربي مع التعليق عليه)، وترجم العديد من البحوث والمقالات العلمية والمؤلفات ومنها (فلسفة المحدثين والمعاصرين) (المدخل إلى الفلسفة).