الباب الأول للسعادة
الباب الأول للسعادة
الثروة قوة لها تأثير كبير في تقدُّم الدول وتحقيق السعادة لمواطنيها، فالغنيُّ هو السعيد لتحقيقه ما يتمناه، وأول منهج لتحقيق الثروة هو السعي، وهو حركة الإنسان لتحصيل الرزق والراحة والمكانة وهو قانون البقاء والتطور، وأكثر الأفراد سعيًا أفضلهم وضعًا، ويعتقد بعض الناس خطأً أن السعي لا فائدة له، وأن الإنسان مكتوب له نصيبه من السعادة والمعاناة، ويتجاهلون الأسباب الحقيقية للأحداث والظروف المصاحبة لها، والصحيح أن لكل شيء سببًا ما، وأن السعيد هو من يلاحظ الفرص ويغتنمها ويسعى من أجلها، والخاسر من يتجاهلها فتضيع منه.
ولما كان السعي هو المساهم الأكبر في تحصيل المال ورِفعة الشأن، فيجب أن يعرف الفرد أين يوجِّه سعيه، وأهم ما يوجِّه إليه سعيه هو “الاستقلال”، وأن يبحث عن عمل لا يرأسه فيه أحد أو يشاركه، فهو أهم ما يحقِّقه الفرد لأن الشراكة تقيِّده والرئيس يقيِّده ويستضعفه، سواء كان يعمل في القطاع العام أو القطاع الخاص، أما الأعمال الحرة فيسعى إليها من يتصف بعزة النفس والهمة والعزيمة، ولا يشعر بملل منها لأن كل ما يربحه منها عائد عليه وحده، ما يؤدي إلى رغبته في ربح المزيد، كما أنه يستمتع بها حيث لا يسيطر عليه أحد، وعن طريقها تزداد ثروته وخبرته ويتغيَّر طبعه من الاختلاط بالآخرين ومعاملتهم.
للسعي خمسة أركان تساعد الفرد على تحسين سعيه وتحقيق هدفه، وأول ركن هو الأهلية أو الكفاءة، ويحققها الفرد بالعلم والاختبار والمعرفة الخاصة والمعرفة الكمالية، فالعلم ضروري لكل فرد مهما كانت مهنته، فعليه أن يتعلم اللغة والحساب والجغرافيا والتاريخ وقوانين الطبيعة، أما الاختبار فيعني أن يختبر الفرد الأشخاص وسلوكياتهم وحالاتهم وأبواب الرزق والأعمال المختلفة، والمقصود بالمعرفة الخاصة إلمام الفرد بأصول عمله وحالاته وفهم ما فيه من أسباب ونتائج، ويُجمِّلُ الفرد سعيه وسلوكه ومعاملته للناس بالمعرفة الكمالية التي تتضمَّن فن الإتيكيت، والفنون الجميلة كالشعر والتصوير والنقش، والألعاب الرياضية، واللغة الأجنبية الشائعة.
الفكرة من كتاب مناهج الحياة: السعي، العمل، الاقتصاد.. بهذه الثلاثة تنال الثروة
من منَّا لم يحلم بالسعادة والثراء؟ وهل لتحقيق الثراء طريقة عملية يمكن أن نهتدي بها في تحقيقه أم أنه حظ سعيد للبعض؟ إن السعادة والغِنى أمنيتان يشترك فيهما ويبحث عنهما الجميع؛ إن هذا الكتاب جزء من كتاب أكبر بعنوان “أبواب السعادة”، وهي ثلاثة أبواب: الثروة والحب والصحة، وهو يتحدث عن الباب الأول للسعادة فيطرح له ثلاثة مناهج، وهي السعي والعمل والاقتصاد، باتباعها والالتزام بأركانها يحقِّق الإنسان الثروة.
مؤلف كتاب مناهج الحياة: السعي، العمل، الاقتصاد.. بهذه الثلاثة تنال الثروة
نقولا حداد: صحفي وعالم وروائي وشاعر، ولد عام ١٨٧٨م في لبنان، والتحق في المرحلة الابتدائية بمدرسة صيدا الأمريكية، ودرس تخصُّص الصيدلة في الكلية البروتستانتية السورية، ثم انصرف بعدها لتعلم النظرية النسبية، عَمِل مدرسًا وتاجرًا ومحرِّرًا ورئيس تحرير لعدد من الصحف، وقام بنشر أفكاره في صحيفتي المقتطف والهلال، وقام بتأسيس جريدتي المحبة المدرسية والحكمة المدرسية، وقيل عنه إنه من طلائع النهضة العربية، وتوفي عام ١٩٥٤م.
من أعماله: “وداعًا أيها الشرق”، و”الاشتراكية”، و”فلسفة الوجود”.