الانطفاء الوظيفي
الانطفاء الوظيفي
سُمِّي الانطفاء “داء أصحاب الإنجازات الكبيرة”، ويمكن تعريفه بأنه شرارة حيوية تنطفئ بداخل الشخص مُخلفةً فراغًا بشعًا، وغالبًا ما يشعر الموظفون بالانطفاء، حين وصولهم إلى ذروة توتُّرهم وإنهاكهم فيحاولون التكيُّف، ويصْمدون، ويبذلون أقصى جهدهم لمواصلة المسير، إلى أن يشعروا في النهاية بنفاد الطاقة الكامل، وعدم القدرة على العمل.
ومن يمرُّون بالانطفاء عادةً ما يبدؤون بمجموعة من التطلُّعات الكبرى والمثل العليا، وإذا استمر هذا لفترة طويلة، ينتهي الأمر بظهور الإعياء ثم الإنهاك وهذه هي المرحلة الأولى للإنطفاء، والمرحلة الثانية للانطفاء هي الإنكار، حيث إن كثيرًا من الناس لا يريدون الاعتراف بأنهم مقصرون في تحقيق الأهداف، أو الشعور بالتوتر إذ يشعرهم ذلك بالضعف، وبفقد احترام ذواتهم، وإذا لم يَفوا بتوقعاتهم العالية في العمل، فإنهم يبذلون المزيد من الوقت والجهد، وهذا ما يستنزف طَاقتهم أكثر، ومأساة الانطفاء مزدوجة، فالانطفاء بحد ذاته ألم، لكن هنالك أيضًا مأساة وقوع جميع الإشارات التحذيرية التي كان مصيرها التجاهل مثل: الإعياء، والعلامات الأولى للمرض.
والوِقاية من الانطفاء تتطلَّب ثلاثة أشياء: أولهُا، اكتساب كلٍّ من الموظف وصاحب العمل نظرة ووعيًا بما يجري داخل العمل أو حوله، وثانيها، اتخاذ إجراءات لاستعادة عامل الجانب الصحي، وهذا قد يتضمَّن خفض حمل العمل، وإعادة تكليف آخرين بالأعمال، ومنح العامل إجازة حالما تُظهِر الإشارات التحذيرية على متاعب وشيكة، وثالثها، التعديل من التطلعات غير الواقعية، وتذكير الناس بأنهم لا يستطيعون فعل كل شيء لكل شخص، وأنهم لا يستطيعون إصلاح كل مشكلة تظهر.
وتذكَّر أن وضع الأهداف ومحاولة تحقيقها شيء، أما رفع السقف عاليًا بحيث لا يمكن الوصول إلى تلك الأهداف شيء آخر، والوقت والجهد المضافان سعيًا وراء هذه الأهداف لن يكونا هدرًا فحسب، بل هما في الواقع تدمير وإهلاك، وحاول دائمًا سواء كنت موظفًا، أو رب عمل، أن تجد بقعتك الحلوة وتظل داخل هذا الحيز، وإن زادت ساعات عملك أحيانًا فحاول العودة إلى منطقة راحتك، واعمل على ترتيب أولوياتك، واسأل نفسك دائمًا: لماذا تقوم بذلك العمل؟ وما الحاجة التي يسدها؟ ومن الذي طلبه؟ وهل يلتفت إليه أحد؟
الفكرة من كتاب هل يقتلك العمل؟
من يديرون المؤسسات لا ينفكُّون عن رفع وتأجيج مستويات التوتر لدى موظفيهم، وهذا ينعكس بالسلب على إنتاجية العمل، وعلى الموظفين أنفسهم، فهذه ليست مشكلة مقر عمل فحسب، بل هي مسألة صحة عامة لأنها تؤثر في أناس كُثر خارج محيط العمل.
ولخطورة توتر العمل كان هذا الكتاب بمثابة جرس إنذار، ودعوة للتغيير، وهو دليل علمي مفصل للبدء في عملية تقليل الضغوط في مكان العمل، وتشجيع الناس على التحدث، والتعبير عن آرائهم، ومقاومة التوتر المفرط في مقر العمل، والقضاء عليه من خلال توفير حلول عملية، وتقنيات سهلة للتكيف مع توتر العمل.
كما أوضح الكاتب الأدوات اللازمة لمنع الإضرار بمواردنا الأكثر قيمة ألا وهي أنفسنا، وكذلك قام بحصر المشاكل التي تُسهم في الإنهاك، وانخفاض الإنتاجية، وهي: الحجم، والسرعة، وسوء المعاملة، ووضَّح طرقًا فعالة للتعامل معها، من خلال خبراته السابقة.
مؤلف كتاب هل يقتلك العمل؟
ديفيد بوزِين: طبيب، ومحاضر، وكاتب، تخرَّج في كلية الطب بجامعة تورنتو عام 1967، وفي عام 1985 تخلَّى عن ممارسة الطب، وكرَّس حياته ووقته لتقديم المشورة بشأن الحياة والعلاج النفسي، ولمساعدة الناس في التعامل مع الإجهاد والتوتر الناتج عن ضغوط العمل، وهو صاحب الكتاب الأكثر مبيعًا “The Little Book Of Stress | الكتاب الصغير لتخفيف التوتر” الذي تمَّت ترجمته إلى ست لغات، كما يظهر الكاتب على التلفاز، وفي الإذاعة على الصعيد الوطني.
ومن أهم مؤلفاته:
The Little Book Of Stress.
Always Change a Losing Game.
Staying Afloat When The Water Gets Rough.