الانحرافات النفسية، وتأثير البيئة فيها
الانحرافات النفسية، وتأثير البيئة فيها
النفس أشبه ما يكون بالجسد في تكيفه ومحاولته العودة إلى حالة الاتزان، فلها بعض السلوكيات التعويضية والتكيفية للعودة إلى حالة الاتزان، والإنسان يسعى جاهدًا ليحافظ على بقائه، وهو يسعى للتغلب على ما يهدد شخصيته المعنوية والاجتماعية، لكن هناك بعض التهديدات والعقبات التي لا يستطيع التغلب عليها.
يسعى الإنسان للتعامل مع تلك العقبات، ويحاول جاهدًا تحقيق أكبر قسط من التوافق، لذلك فهو يلجأ إلى الوسائل المنحرفة والسلبية، حتى يصل إلى مرحلة التوافق تلك، فالإنسان قد يتصنع وجود شيء لا يمكنه التغلب عليه، أو ينطوي على نفسه، أو يعاند بشكل مفرط، فهو بذلك يسعى للحفاظ على توازنه، وكذلك للتخلص من التوتر الحادث نتيجة هذا الشيء الذي لا يمكنه التغلب عليه.
تبدأ هذه الرحلة مع الطفل منذ سنته الأولى؛ توتر ناشئ عن التفاوت بين قدرته على تصور الأغراض، وقدرته على تحقيقها، تكتمل حواس الطفل وتبدأ عملها، قبل اكتمال قدرته على تحريك الأشياء، فيظهر تفاوت بين قدرته البصرية والحركية، ويبدأ الشعور بالخيبة والدونية، وهنا يأتي دور البيئة والعائلة.
تكمن وظيفة البيئة والعائلة في توجيه سلوك الطفل ومساعدته لينظم دوافعه الوجدانية، ومساعدته على اكتساب العادات الطيبة، ومن أهم تلك العادات ضبط النفس، والخضوع للنظام. ولا بد للنظام أن يكون مشبعًا بروح العطف والتعاون والإنصاف، ولا شك في أن البيئة التي تسودها روح التعسف والاستبداد لا محالة تؤدي إلى اتجاهات شاذة في سلوك الطفل، والطفل السيئ الخلق والمنحرف السلوك في أغلب الأحيان ضحية بيئة غير طيبة، فيمكن القطع بأن جميع الانحرافات النفسية تبعاتها تقع على عاتق البيئة العائلية.
الفكرة من كتاب شفاء النفس
لقد فقدنا قدرتنا على التعرف على السعادة والوصول إليها، فلم يخطُ الإنسان في نفسه، بقدر ما خطا وتحرك في الكون من حوله، ولمّا كان هذا.. جلبت لنا الحضارة والتحديث الكثير من الأمراض، وإن من أهم تلك الأمراض أن الإنسان أصبح تائهًا في الحياة، لا يدرك نفسه، ولا يدرك من حوله، كذلك فقد قدرته على أن يحيا ويعيش بهناء وسعادة.
يتناول كتابنا توضيح مشكلة السعادة، ثم يتناول أعراض فقدنا لتلك السعادة، من استفحال الأمراض النفسية والخلقية في الإنسان، فكيف نشأت تلك الأمراض؟ وما تأثير البيئة في نشوئها؟ وما طرق العلاج وأهم مدارس العلاج النفسي؟ وما سبيل شفاء النفس في عصرنا الحديث؟
مؤلف كتاب شفاء النفس
يوسف مراد: أبرز علماء النفس العرب، فهو الفيلسوف والمنظر للمذهب التكاملي في علم النفس. وقد تخرج في قسم الفلسفة بكلية الآداب عام ١٩٣٠م، وسافر عام ١٩٣١ إلى فرنسا، وحصل على شهادة الدراسات العليا، ثم في عام ١٩٤٠ حصل على الدكتوراه بمرتبة الشرف من فرنسا، عاد إلى مصر وكان أول من درس علم النفس باللغة العربية لأول مرة في الكلية.
كتب العديد من المؤلفات منها: سيكولوجية الجنس، دراسات في التكامل النفسي، شفاء النفس.