الانتداب البريطاني
الانتداب البريطاني
فى عام 1917م أصدرت الحكومة البريطانية وعد “بلفور” الذي يقضي بجعل فلسطين وطنًا قوميًّا لليهود، ولم يمر عام 1918م حتى كانت فلسطين كلها تحت الاحتلال البريطاني وعُيِّن اليهودي “هربرت صموئيل” أول مندوب سامٍ عام 1920م، وبموجب معاهدة الصلح البريطانية التركية في لوزان عام 1925م، آلت جميع أراضي الحكومة العثمانية لحكومة الانتداب، فشرع صموئيل بإصدار بعض القرارات السخية التي منحت بني جلدته مليونًا وربع مليون دونم في مناطق مختلفة من حيفا ويافا والبحر الميت، كما سهّل إجراءات انتقال الأرض حتى بلغ مجموع ما اشتراه اليهود من حكومة الانتداب 500 ألف دونم منها 200 ألف دون مقابل، وكان الأساس الأول في ذلك أن تكون الأرض ملكًا للأمة اليهودية المزعومة، لا يجوز نقلها للأفراد.
منذ تولت بريطانيا زمام الأمور، فتحت الباب على مصراعيه أمام هجرة اليهود، فارتفع عددهم من 8% من سكان فلسطين إلى 31%، كما ساعدت قوانينها الممنهجة في ارتفاع نسبة ممتلكاتهم من 2% من أرض فلسطين إلى 6.7% بحلول 1948م، وحتى ذلك التاريخ كانوا قد أسسوا 292 مستعمرة. وعندما لم تُجدِ أساليبهم في اقتناص أكثر من 6.7% من الأرض طيلة ثلاثين عامًا -وهذا بلا شك يعكس استماتة الفلسطينيين في التمسك بأرضهم- أصدرت الأمم المتحدة القرار 181 في نوفمبر 1947م الذي يقضي لليهود ب 54% من مساحة فلسطين وللعرب 45% وتم استثناء القدس 1% من قرار التقسيم.
وللتعبير عن ذلك الواقع المرير، يقول هنري فورد في كتابه “اليهودي العالمي”: “إن إدارة الانتداب كانت يهودية، ومن المتعذر على أى ناطق يهودي مهما افتقر إلى الشعور بالمسؤولية أن ينكر الحقيقة الواقعة وهي أن إدارة فلسطين يهودية، فالحكومة فيها يهودية، وإجراءات العمل يهودية، والأساليب المستعملة يهودية، ولا ريب في أن فلسطين تقدم الدليل على ما يفعله اليهود عندما يصلون إلى الحكم “.
الفكرة من كتاب فلسطين وأكذوبة بيع الأرض
من المؤسف أن يقال عن الشعب الذي استمسك بأرضه حتى آخر رمق إنه باعها طواعية واستمتع بثمنها، ومن المؤسف أيضًا أن تسمى القضية “قضية فلسطين” لمحاولة إظهارها حربًا سياسية. أكاذيب عدة تفنن الاحتلال في ترويجها لوأد كل سبل التعاطف مع شعب فلسطين، باعتباره شعبًا معتديًا من البداية، فانتشرت شائعات من نوع “فلسطين أرض بلا شعب”، “الفلسطينيون خرجوا منها طوعًا”، “الحق التاريخي والطبيعي لليهود في فلسطين”، لتنشأ الضرورة للتدليل على حجة العرب ودعواهم كما يقول المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي .
ولا شك أن خطر تلك الكذبات ليس في تصديق العالم وتوقفه عن مساندة القضية فقط، بل في خروج أجيال جديدة من أبناء الشعب المحتل تشربوا تلك المزاعم، ليس على أنها مزاعم بل على أنها حقائق مسلم بها، ليجلسوا على طاولة المفاوضات يطالبون بحل الدولتين!
هذا الكتاب الذي نُشر في 2004م، يصور الطرق الشائنة التي سقطت بها فلسطين، منذ كانت ولاية عثمانية حتى سقوطها في قبضة الاحتلال البريطاني الذي سلمها لشتات اليهود على طبق من فضة ليقيموا دولتهم، وأخيرًا سياسة الاحتلال التعسفية التي ما زال يمارسها إلى يومنا هذا من أجل السيطرة على باقي الأرض، ويقدم كذلك أدلة قوية على مزاعمه، ليس على ألسنة العرب ولا حتى المسلمين، بل على ألسنة الصهاينة أنفسهم الذين نشؤوا وتربوا في الأراضي المحتلة.
مؤلف كتاب فلسطين وأكذوبة بيع الأرض
عيسى القدومي: باحث وكاتب صحفي فلسطيني. حاصل على الدكتوراه في التاريخ والفكر الإسلامي عام 2012م. عضو جمعية الصحفيين الكويتية ورئيس تحرير مجلة بيت المقدس. له كتابات في الصراع العربي الصهيوني، والدراسات المتعلقة بالقدس والمسجد الأقصى.
ومن مؤلفاته:
مصطلحات يهودية احذروها.
المسجد الأقصى حقائق لا بد أن تعرف.
المسجد الأقصى الحقيقة والتاريخ.
تاريخ القدس بين تضليل اليهود وتضييع المسلمين.