الاكتئاب والمراهقون
الاكتئاب والمراهقون
قد يضحك الكبار في كثير من الأحيان من انغلاق المراهق على نفسه ونفوره عن الاجتماعيات، وجلوسه وحيدًا في غرفته أو ارتدائه للملابس السوداء والاستماع للموسيقى الحزينة، ويظنُّون أن اكتئاب المراهقين شيء بسيط وربما يتطاولون بالكلام، ويقولون لماذا تكتئب هل تحمل هَمَّ الأقساط؟ ولكن هذا قد يكون من أكثر الأقوال إيذاءً للمراهق، ولا شكَّ أن الآباء لا يقصدون الشر بذلك، لكن المشكلة أن المراهق لا يشكو من أي تفاهات، وأي شخص يقول ذلك فهو يزيد الطين بلَّة، ويؤثر في صحته النفسية، ويقصد “بالصحَّة النفسية” مدى قدرتك على استيعاب كل شيء في حياتك، والتفكير فيه، والتفاعل معه، والمراهقون على وجه الخصوص ضعفاء ومعرَّضون أكثر للإصابة بالمشكلات النفسية.
ويمكن للوالدين أن يجعلا صحة ابنهما النفسية أسوأ أو العكس، ولذا من المهم أن يبذل الطرفان جهدهما ليفهم كلٌّ منهما الآخر، ومن الطرق المفيدة للتعامل مع مشكلات المراهق النفسية استخدام “نموذج الضغط والاستعداد”، فكلَّما ارتفع استعدادك، قلَّت كمية القلق اللازمة لإصابتك بأعراض ضعف الصحة النفسية، فهو ينظر إلى قدر الضغط الذي يمكنك التعامل معه، ويجمعه مع قدر الضغط الذي يمكنك التكيُّف معه، وعندما ننتقد المراهق لكونه حساسًا أو عاطفيًّا، فهذا خطأ كبير لأن التعبير عن المشاعر أمر ضروري، والمراهقون تنتابهم مشاعر أكثر قوة وجموحًا تجاه كل شيء.
ومما يُصعِّب على والديك أخذ صحَّتك النفسية بجديَّة هو أنهما لا يعرفان عنها الكثير مثلك، فقد نوقشت تلك المواضيع مع الصغار أكثر من الكبار، ويمكن أن يقدِّم والدك المساعدة إن أخبرتهما بحالتك، ولكن إن كانت علاقتك بهما متوتِّرة من الأساس فقد يسوء الوضع، ولذا يجب على كل مراهق معرفة أن المرض النفسي لا يعني أن به عيبًا، أو أنه أقل من الآخرين، ويعرف أنه لا بأس ألا يكون سعيدًا على الدوام، وحاول تقليل الخلافات مع أبويك قدر الإمكان، فهما على الأرجح يمرَّان بنفس الضغط والقلق الذي تمرُّ به، وفي كثير من الأحيان يكمن حل المشكلة في أن تساعد والديك ويساعداك هما بدورهما.
الفكرة من كتاب لماذا يقودك أبواك للجنون؟ كتاب يجب على جميع المراهقين والآباء قراءته
هل أخبرك أبواك من قبل أن ذوقك في شيء ما سخيف؟ أو جلست تحكي لهما موقفًا أزعجك ووجدتهما يضحكان عليك، وحينها قلت في قرارة نفسك: لماذا يتعسَّر عليهما فهم وجهة نظرك ومشاعرك لهذا الحد؟ وهل تسمع كلمات من قبيل: ألا تضع الهاتف من يديك أبدًا؟ أو هل ستنام طوال اليوم؟ هذه أشياء يسمعها مراهقو اليوم طول الوقت وتُسبِّب لهم الضيق والسأم.
وقد جاء إلينا هذا الكتاب لخلق أرضية تفاهم مشتركة بين المراهقين وآبائهم، فسيقوم بتوضيح مواقف الأبوين، وطريقة تفكيرهما، ووجهة نظرهما، سواء كانت وجهة نظر متأثرة بالخبرة أو السن أو طبيعة الدماغ، وهذا بالتالي قد يساعدك أنت كمراهق على تفهُّم مبرِّرات والديك، ولماذا يختلفان عنك بهذا القدر، وهكذا قد تتمكَّن من تجنُّب النزاعات والمشاكل التي تحدث بينكما قدر الإمكان، وهيا بنا نربط الأحزمة ونستعد للغوص في هذه الرحلة الشيِّقة.
مؤلف كتاب لماذا يقودك أبواك للجنون؟ كتاب يجب على جميع المراهقين والآباء قراءته
دين بِرينت: هو عالم أعصاب، ومؤلف ومدوِّن، ومحاضر في الطب النفسي بجامعة كارديف، قام بتأليف عموده العلمي الساخر “Brain Flapping” في صحيفة الغارديان، والذي استمر من عام 2012 إلى عام 2018، كما حصل على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب في دور الحُصين في التعلم التكويني من جامعة كارديف، ويحتفظ حاليًّا بمدوَّنة شبه منتظمة بعنوان “Brain Yapping” على شبكة Cosmic Shambles، وتُعد كتبه من أكثر الكتب مبيعًا.
ومن أبرز مؤلفاته:
المخ الأبله.
المخ السعيد.
Psychological.
معلومات عن المترجم:
عُمر العوضي: مترجم لدى دار عصير الكتب للنشر والتوزيع، قام بترجمة العديد من الأعمال من أبرزها: “هل ستأكل قطتي مُقلتيَّ؟”، و”قوة الـ2.. كيف تقود العلاقات للإبداع”، و”عبور الفجوة.. تسويق وبيع المنتجات الثورية إلى الجمهور العام”، و”إطلاق الإمكانات.. حرِّر قوتك وقوة من حولك”