الاقتصاد العربي والسلام
الاقتصاد العربي والسلام
رغم أن العالم لم يدخل بعد حالة السلام التام فإن الأمور استقرت كثيرًا مقارنة بفترة ما قبل الحرب، ولاحظ الجميع هذا التحول الجذري في نمط الحياة، مما حدا بالبعض إلى محاولة دراسة العلاقة بين السلام والاقتصاد، أو ما يعرف بالنتائج الاقتصادية للسلام، فلا شك أن حالة السلم تعد مناخًا إيجابيًّا لنمو الاقتصاد، فرأس المال جبان كما نعلم، بالإضافة إلى أن الآلة العسكرية كانت تلتهم الكثير من موارد البلاد التي كانت ستوجَّه ناحية الإنتاج المدني لولا الحرب، كما أن الاستقرار السياسي وتصفير النزاعات بين الدول من شأنه أن يمثِّل قنوات متبادلة للاستثمارات ورؤوس الأموال مما يعظم الإنتاجية للجميع، فالتنمية الاقتصادية تبدأ حين تنتهي الحرب.
لذا فالتشابك الاقتصادي وزيادة المصالح التجارية بين الدول يعد صمام أمان يمنع من انزلاق الدول نحو هاوية الحروب والنزاعات المسلحة، فضلًا عن أن قضايا التنمية ومحاربة الفقر ورفع مستويات المعيشة تعزِّز بلا شك من حالة السلم العام، وتقوِّض كثيرًا من أسباب العنف والصراعات، مما يسهم في إنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الحروب، لذا لجأت الدول الأروربية إلى تدشين الاتحاد الأوروبي وتوحيد العملة نوعًا من التحوط للمخاطر المستقبلية.
وفيما يخصُّ الشرق الأوسط يشكك البعض في سحب تلك النتائج على الواقع الاقتصادي العربي، حيث يرون أن الأمر لا يعدو أن يكون سلامًا وهميًّا لأجل تهيئة المسرح العربي لتقبُّل إسرائيل ودمجها في محيطها الاقتصادي، فالتعاون الاقتصادي المشترك هو اللبنة الأولى ناحية التطبيع السياسي مستقبلًا، وبهذا تكون إسرائيل هي المستفيد الأكبر من حالة السلام تلك، لا سيما مع تعاظم حجم الدعم الدولي المقدم للاقتصاد الصهيوني، فإسرائيل وإن كانت محدودة النطاق داخل أراضي فلسطين المحتلة، فإن دعائمها الاقتصادية يمكنها القفز فوق الجغرافيا لترتبط بالمراكز الإنتاجية في كلٍّ من أمريكا وأوروبا واليابان وإقامة علاقات مالية وتجارية عابرة للحدود.
الفكرة من كتاب دور الدولة في الاقتصاد
الاقتصاد مرآة السياسة، فكل تطوُّر اقتصادي يشهده أي بلد لا بدَّ من أن يؤثر في وضعه السياسي والعكس صحيح، وقد ثار جدل أزلي بين أهل الاقتصاد والسياسة فيمن يقود مَن أو مَن يؤثر أكثر في الآخر، ولكن يتفق الجميع على أن ثمة ترابطًا حدث بينهما خلال حقب التاريخ المختلفة.
عندما اجتاحت الأزمة العالمية عام 2008 الأسواق المالية تخلَّت الدولة عن دور الحارس وتدخَّلت لتنتشل الاقتصاد من أزمته، ويتكرَّر الأمر في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية اليوم، والتي سبَّبتها جائحة فيروس كوفيد 19 “كورونا”، مما جعل البعض يتساءل عن الحدود الفاصلة بين الدولة والاقتصاد، وعلى ذلك يقدم هذا الكتاب مراجعة حية للتطور التاريخي الحاصل في سياق رؤية مفصلة للاتجاهات التاريخية والجيوبوليتيكية التي حدَّدت الأطر الحاكمة للأنظمة السياسية والاقتصادية.
مؤلف كتاب دور الدولة في الاقتصاد
حازم عبد العزيز الببلاوي: ولد في 17 أكتوبر 1936، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1957، حصل على دبلوم الدراسات العليا العلوم الاقتصادية، جامعة جرينوبل، فرنسا 1961، ودكتوراه الدولة في العلوم الاقتصادية، جامعة باريس – فرنسا سنة 1964، شغل سابقًًا منصب رئيس الوزراء في مصر، كما يشغل حاليًًّا منصب المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، حصل على وسام جوقة الشرف بدرجة فارس من حكومة فرنسا سنة 1992، ووسام ليوبولد الثاني بدرجة كومانور من حكومة بلجيكا سنة 1992.
له العديد من المؤلفات أبرزها: الاقتصاد العربي في عصر العولمة، ودليل الرجل العادي إلى تاريخ الفكر الاقتصادي، ونظرات في الواقع الاقتصادي المعُاصر، ونظرية التجارة الدولية.