الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد النقدي
الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد النقدي
لطالما كانت النقود مجرد وسيط للتبادل فكانت بذلك ترجمة نقدية لتيار السلع والخدمات، ولكن مع تطور وظائفها للمضاربة وتفضيل الاحتفاظ بها بدافع الاحتياط والسيولة بالإضافة إلى التطور القانوني الذي أفضى إلى ظهور فكرة الحق كالملكية والديون الشخصية بديلًا عن السيطرة المادية المباشرة على الأشياء ظهرت بذلك تفرقة أساسية بين ما يمكن أن نطلق عليه الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد النقدي، وحدث ثمة انفصام بين تيار السلع والخدمات (الأصول الحقيقية) من ناحية وبين تيار النقود من ناحية أخرى (الأصول المالية).
ومع تغير العلاقات الاقتصادية والنظم الإنتاجية وتنامي الموجة الثورية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لم تكفِ النقود لتطوير عملية المبادلات والحفاظ على النمو الاقتصادي، فتطلَّب الأمر أدوات مالية جديدة تمثلت في الأسهم والسندات والأوراق التجارية، وغير ذلك مما كان سببًا في صنع ثورة مالية أفضت إلى تطور الأسواق المالية على نحو كبير، وكان لظهور مثل تلك الأدوات المالية أثر توسعي في الاقتصاد حيث كانت فكرة الأسهم وتجزئة التمويل على قطاع عريض بمثابة طريق الحرير نحو إنشاء الكيانات الاقتصادية العملاقة التي كان يتعذَّر تمويلها قبل ذلك.
ومما يلاحظ في الاقتصاد النقدي أن أدواته باتت أكثر تحررًا من الاقتصاد الحقيقي، فأسهم الشركات الأمريكية على سبيل المثال يتم تداولها في البورصات العالمية كطوكيو ولندن، كما أن الأدوات المالية لا تخضع لسيطرة تامة من قِبل السلطات المحلية، فهي أشد تأثرًا بما يجري على الساحة العالمية، وعلى إثر ذلك بدأ العالم يشهد مجموعة من الأزمات المالية التي تتعدَّى الاقتصاد الحقيقي وترتبط أكثر بحركة رؤوس الأموال، ومن ذلك أزمات أوروبا 1992 والمكسيك 1994، وفي العصر القريب الأزمة المالية 2008، وكلها أزمات تتعلَّق بالأسواق المالية وحركة تبادل الأموال وانتقالها.
الفكرة من كتاب النظام الاقتصادي الدولي المعاصر
الاقتصاد مرآة تعكس السياسة، فكل تطور اقتصادي يشهده أي بلد لا بد أن يؤثر في وضعه السياسي، وقد ثار جدل أزلي بين الاقتصاديين والسياسيين فيمَنْ يقود مَنْ أو مَنْ يؤثر أكثر في الآخر، ولكن يتفق الجميع أن فَهم أبجديات الاقتصاد العالمي يعد محددًا مهمًّا للوقوف على فهم السياسة العالمية اليوم.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي سبَّبتها جائحة فيروس كوفيد 19 (كورونا)، يقدم هذا الكتاب مراجعة حية للاضطراب التاريخي الحاصل في الاقتصاد العالمي، في سياق رؤية مفصَّلة للاتجاهات الاقتصادية والتجارية والجيوبوليتيكية التي حدَّدت الأطر الحاكمة للنظام الاقتصادي العالمي اليوم بدايةً من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى نهاية الحرب الباردة.
مؤلف كتاب النظام الاقتصادي الدولي المعاصر
حازم عبد العزيز الببلاوي: كاتب وعالم اقتصاد، ولد في 17 أكتوبر 1936، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1957، وحصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الاقتصادية، من جامعة جرينوبل، بفرنسا سنة 1961، ودكتوراه الدولة في العلوم الاقتصادية، جامعة باريس، بفرنسا سنة 1964، كما شغل سابقًا منصب رئيس الوزراء في مصر، ويشغل حاليًّا منصب المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي.
حصل على وسام جوقة الشرف بدرجة فارس من حكومة فرنسا سنة 1992، ووسام ليوبولد الثاني بدرجة كوماندور من حكومة بلجيكا سنة 1992.
له العديد من المؤلفات أبرزها: “الاقتصاد العربي في عصر العولمة”، و”دليل الرجل العادي إلى تاريخ الفكر الاقتصادي”، و”نظرات في الواقع الاقتصادي المعُاصر”، و”نظرية التجارة الدولية”.