الاضطرابات النفسية وسبب كونها تُعد اضطرابًا لا مرضًا؟!
الاضطرابات النفسية وسبب كونها تُعد اضطرابًا لا مرضًا؟!
لفهم الاضطرابات النفسية يجب علينا أولًا فهم آلية عمل المخ، إذ تضطرب النفس عندما يضطرب التفكير، أو الوجدان، أو السلوك، أو كل ذلك معًا، وترتبط الاضطرابات النفسية بتغيرات كيميائية تحدث في المخ نتيجة تغيرات بيولوجية. ويتكون المخ البشري من نوعين من الأنسجة: النوع الأول تمثله المادة الرمادية وهي الخلايا العصبية، والنوع الثاني تمثله المادة البيضاء وهي الألياف العصبية، ويُعزى إلى الأخيرة مهمة نقل المعلومات من الجسم إلى الخلايا العصبية والعكس، وذلك عن طريق “الموصلات الكيميائية العصبية”. إذ أوضحت الأبحاث العلمية أن عدم التوازن في نشاط الموصلات الكيميائية العصبية بالدماغ يلعب دورًا هامًّا في حدوث عديدٍ من الاضطرابات العقلية، ومن هنا اعتُمِدت آليةُ عمل أدوية الطب النفسي، التي تعمل على استعادة الموصلات الكيميائية المضطربة لاتزانها.
يستطيع الشخص معرفة إصابته بداء السكري عن طريق تحليل نسبة السكر في الدم، وينطبق هذا على أغلب الأمراض العضوية، وهذا هو الأمر الذي تفتقده الاضطرابات النفسية، إذ لا يمكننا الكشف عن وجود اضطراب نفسي ما باستخدام الفحوصات المعملية، وأجهزة الكشف الميكروسكوبي، أو الإشعاعي، وهذا من أسباب تسميتها اضطرابات لا أمراض، لأن الاضطراب النفسي يفتقد إلى الدقة البيولوجية المحددة التي توجد في الأمراض العضوية. ويعتمد الأطباء النفسيون تمام الاعتماد على ما يخبرهم به المريض من أعراض، للتعرف على ما يعانونه من اضطرابات نفسية، وهذا ما يطلق عليه “أعراض الاضطرابات النفسية”، أي مجموع العلامات التي إذا اجتمعت في شخص ما أمكن تشخصيه بالإصابة باضطراب نفسي، وتتشابه أغلب هذه الأعراض مع ما نمر به في حياتنا اليومية، لكن الفاصل بينهما هو مدى تأثير تلك الأعراض في حياتنا اليومية، فإن زادت هذه الأعراض عن الحد، وأصبحت تخل بممارسات الحياة اليومية أصبحت اضطرابًا. ونستخدم لفظ اضطراب بدلًا من مرض لنخفف من الوطء النفسي الذي يلاحق المرض النفسي.
في عام ٢٠٠١ نشرت منظمة الصحة العالمية أحد أهم تقاريرها عن الاضطرابات النفسية، وجاء فيه أن هناك ما يزيد على ٤٥٠ مليون شخص يعانون اضطرابات نفسية، ما يجعلها أحد أهم أسباب الإعاقات النفسية في العالم، ورصدت الأبحاث أن الإناث يعانين من اضطرابات الاكتئاب والقلق أكثر من الذكور، بينما يعاني الذكور أكثر من الإناث من اضطرابات تعاطي المواد المخدرة.
الفكرة من كتاب حكايات التعب والشفاء دليل الصحة النفسية
في الوقت الذي تقرأ فيه هذا الكتاب، اعلم أن فردًا من بين كل أربعة أفراد يعيشون حولك ربما يعاني أحد الاضطرابات النفسية، وقد يكون هذا الإنسان ضمن أفراد أسرتك، أو جيرانك، مما يجعل الاضطراب النفسي من أكثر الإعاقات النفسية شيوعًا بل من أخطرها، لأنك قد تكون أحد المصابين به ولا تعرف ذلك، كما أن غالبية المرضى لا يعترفون بمرضهم ويرفضون العلاج، بل قد يصلون إلى مرحلة إنكاره.
ولذا كان هدف هذا الدليل النفسي توعية الجميع من المختصين وغير المختصين بالاضطراب النفسي، وطرق علاجه وكيفية التعامل مع مرضاه. إلى جانب عرضه تقنيات المقابلة النفسية التشخيصية، ومتى يلزم التدخل العلاجي.
مؤلف كتاب حكايات التعب والشفاء دليل الصحة النفسية
نبيل القط: كاتب، وطبيب مصري، تخرج في كلية الطب جامعة المنصورة عام ١٩٨٨، وحصل على ماجستير في الأمراض النفسية والعصبية من جامعة عين شمس. عمل في مجال الطب النفسي على مدار ٣٠ عامًا، وشارك في عديد من المؤسسات مثل اليونيسيف، وهيئة الأسرة الدولية، بالإضافة إلى كونه عضو مجلس إدارة بالجمعية المصرية للعلاجات الجماعية، وجمعية الطب النفسي التطوري، وله عديد من المقالات في الصحف والمجلات، بالإضافة إلى كثيرٍ من المقابلات التليفزيونية، كما شارك بالتمثيل والكتابة والإشراف في بعض الأعمال الدرامية مثل (فوق مستوى الشبهات، وسقوط حر، وتحت السيطرة، وعائلة الحاج نعمان)
ويُعد كتاب “حكايات التعب والشفاء” هو الكتاب الوحيد المطبوع من تأليفه.