الاضطرابات النفسية بعد الولادة
الاضطرابات النفسية بعد الولادة
على الرغم من كون الولادة عملية فسيولوجية طبيعية تحدث عند كل الكائنات، فإنها تُعدُّ تغييرًا هائلًا في التوازن البيولوجي والنفسي والاجتماعي، يجب أن تسبقه أو تواكبه رعاية صحية كاملة، وتختلف درجات تأثير الولادة في توازن المرأة من حالة إلى أخرى، ففي حين أن بعض النساء يجتزن هذا الأمر بشكل بسيط، فإننا نجد حالات أخرى يصاحب عملية الولادة عندها أو يسبقها أزمة حقيقية، وبعض اضطرابات ما بعد الولادة لا تحتاج سوى إلى طمأنة المريض، في حين أن هناك اضطرابات أخرى تحتاج دخول المريضة المستشفى لحمايتها من حالات الانتحار، أو قتل طفلها.
وأهم مظاهر تلك الاضطرابات هي كآبة ما بعد الولادة؛ وهي لا تُعدُّ حالة مرضية، حيث تحدث في حوالي 50 في المائة من النساء بعد الولادة، وتبدأ بعد الولادة بأيام قليلة، وتستمر لعدة أيام، وتتميز هذه الحالة بالحزن، والشعور بالتعب، والقلق، والرغبة في الاعتماد على الآخرين، وتعود هذه الحالة إلى التغيرات الهرمونية السريعة؛ حيث يحدث انخفاض سريع لمستوى الإستروجين، والبروجيسترون بعد الولادة، وأيضًا بسبب ضغوط الولادة الاجتماعية والنفسية، ولا تتطلَّب هذه الحالة سوى طمأنة الأم، ودعمها نفسيًّا، واجتماعيًّا، حتى تتجاوز هذه المشاعر.
وهناك أيضًا اضطراب يُسمى ذهان ما بعد الولادة، وهو خطير جدًّا، وتحدث هذه الحالة في 1 إلى 2 من كل ألف ولادة، وتكمن الخطورة في أن 50 في المائة من المرضى يقمن بالانتحار، في حين أن 4 في المائة يقتلن أطفالهن، وتحدث هذه الحالة بكثرة في ولادة الطفل الأول، وحوالي 50 في المائة من الحالات لديها تاريخ عائلي في الاكتئاب، ولذلك يعتبر ذهان ما بعد الولادة أقرب ما يكون إلى اضطراب المزاج ثنائي القطب، والاضطراب الجسيم المصحوب بأعراض ذهانية، وهناك اضطراب أيضًا تمر به المرأة وهو ما بعد انقطاع الدورة؛ وهي فترة لها مزاياها ولها عيوبها، وتحدث في النساء في الفترة ما بين سن الأربعين والخمسين، وفي بعض النساء تتوقف في سن مبكرة جدًّا إثر تعرضهم لأزمة صحية أو صدمة نفسية شديدة، ويمكن أن تحدث بعض الأعراض مثل نوبات من الشعور بالسخونية في الجسم نتيجة عدم الثبات في الدورة الدموية، أو الإحساس بالقلق، وتعتمد شدة الأعراض على درجة نضج المرأة وتقبُّلها لهذه المرحلة.
الفكرة من كتاب الصحة النفسية للمرأة.. قصص واقعية من العيادة النفسية
هل هي مجرد مصادفة أن أغلب المتردِّدات على العيادات النفسية من النساء؟ أم أن هناك عوامل متعددة تدفع بهن أن يشكِّلن 60 إلى 70 في المائة من المتردِّدات على تلك العيادات؟ هل السبب هو التكوين البيولوجي للمرأة ذو الإيقاع المتغير؟ أم بسبب الوضع الاجتماعي للمرأة الذي يضعها تحت ضغوط مستمرة ومتعددة؟ ما الاضطرابات الأكثر شيوعًا لدى المرأة المعاصرة؟ وما أسبابها المحتملة؟ وما وسائل علاجها والوقاية منها؟
كل تلك التساؤلات وغيرها يجيب الكاتب عنها مستعينًا بخبرته والقصص الواقعية.
مؤلف كتاب الصحة النفسية للمرأة.. قصص واقعية من العيادة النفسية
محمد عبدالفتاح المهدي: معالج نفسي، واستشاري علاج زواجي، وحاليًّا أصبح رئيسًا لقسم الطب النفسي بجامعة دمياط، وله العديد من المؤلفات، منها:
الصحة النفسية للطفل.
سيكولوجية الدين والتدين.
فن السعادة الزوجية.
البناء النفسي للمسلم المعاصر.