الاسم ومداره
الاسم ومداره
لقد اختلفت سبل استخدام اسم “الخوارج” ومذاهبه، وقد أدَّى هذا الاختلاف إلى ارتباكٍ في تحديد المدار والحدود المنهجية في إطلاق هذا اللقب على مستحقِّيه، وهذا الارتباك كان لأسبابٍ عدة، أولها: غياب المدوَّنة العقديَّة الأساسية، فقد انعدمت الكُتب المؤطِّرة للمنهج العقدي الذي يسلكه هذا التيَّار وبخاصَّةٍ في مرحلة النشوء الأولى، ورجع ذلك إلى غياب التصنيف العقدي التفصيلي في هذه المرحلة، وثاني هذه الأسباب تشظِّي الحالة العقديَّة، وذلك بمعنى أنَّهم من داخلهم قد افترقوا على عدة طوائف ومقالات ومواقف، وهذا الانقسام حالة أصيلة في أمر الخوارج على مدار التاريخ، ما أدَّى إلى تعميم بعض مقولاتٍ خاصَّة بطائفة واحدة على الجميع، والسبب الثالث: إشكال الاسم والعنوان
فإن اسم “الخوارج” اسم مليء بالتداخل والاشتراك، وخارج عن المحدَّدات المُعتادة في تفصيل المصطلح، وقد أخبر بهِ رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) عن هذا التوجُّه قبل نشوئه غير أنه (صلى الله عليه وسلَّم) لم يُحدِّده بمصطلحٍ لُغوي، وإنما قيَّده بالسمات الشرعية، وعلى الجانب الآخر فقد امتدَّ هذا الاسم على مدار التاريخ بأشكال متعدِّدة، فقد استُخدِم تارةً في التعبير عن طائفة معيَّنة تناولها النص الشرعي، وتارةً عن طائفة عقدية ذات منظومة فقهية، وتارة في الدلالة على حالة الخروج عن السلطة السياسية، وتارة عُبِّر عن قطَّاع الطرق المُحاربين باسم الخوارج، وتم استعمال هذا الاسم أيضًا في حالة التعبير عن كل أنماط الخروج عن سنَّة النبي (صلى الله عليه وسلَّم).
أمَّا السبب الرابع فهو التوظيفات المذهبية والسياسية، فبسبب المدلول السلبي الذي حمله اسم الخوارج تم توظيفه في العديد من المعارك المذهبية والسياسية على سبيل الاتهام والانتصار للنفس، في حين أن هذا التوظيف قد خالف الاستحقاق في كثير من الأحيان، وتم استعماله دون تِبيانٍ أو أدلَّة.
الفكرة من كتاب المنشقُّون: تنقيب عن مفهوم الخوارج بين التاريخ والواقع
إن الخوارج من أعجب أهل البدع منهجًا ومنهجيَّة، فالباحث في حالهم يتعجَّب كثيرًا كيف لفئة من المسلمين محاربة وتكفير فئة أخرى وفيهم صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم)، وقد قاموا بجرائم كان العربي في جاهليته يتعفَّف من ذِكرها عوضًا عن فعلها، وهذا الكتاب مبحثٌ عميق في امتدادهم التاريخي، وأصل فكرتهم، وما آل إليه حالهم في واقعنا المُعاصر، مع سبرٍ لأغوار نفوسهم وبحثٍ في أسباب انحرافهم عن أهل السنة والجماعة.
مؤلف كتاب المنشقُّون: تنقيب عن مفهوم الخوارج بين التاريخ والواقع
عبد الله بن صالح العجيري: وُلِد عام 1976م بمدينة الخُبر بالسعودية، تخرَّج في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بكُلية الهندسة تخصُّص الحاسب الآلي، والتحق بجامعة الإمام محمد بن سعود وتخرَّج فيها بكلية أصول الدين، وهو باحثٌ ومفكِّر إسلامي، ومدير لمركز تكوين للدراسات والبحوث، له العديد من المقالات والكتب منها: “شموع النهار“، و”عبث الرواية“، و”ينبوع الغواية الفكرية“.