الاستقلال لأبنائنا
الاستقلال لأبنائنا
العدائية ناتجة عن الاتكالية، ولأن أطفالنا صغار السن في بداية مرحلتهم العمرية يعتمدون بشكل كامل علينا نحن الآباء، لكنَّ هناك وقتًا يجب أن يتوقَّف الأهل عن مسك زمام الأمور كاملةً وترك مساحة استقلال لأبنائهم عنهم وتحمُّل المسؤولية، وأولى خطوات الاستقلال ترك حرية الاختيار لابنك، وإذا قام بفعل شيء يصعب عليه احترم مجهوده، وأثنِ عليه وإذا احتاج إلى المساعدة تدخَّل باقتراح ما، لا تتكلَّم معه إلا في ما يريد أن يحدثك فيه، فلا تقتحم خصوصياته دون مبادرة منه، وإذا سألك عن شيء ما اترك له فرصة التفكير في الجواب بنفسه، ولا تجعله يرى لديك كل الحلول وأنت المرجع الوحيد لديه، بل أخبره بأن هناك مراجع أخرى خارج البيت أيضًا، وحدِّد له بعضًا منها، فمثلًا إذا مرض حيوانه الأليف لا تبادر بمعلوماتك حوله، بل اسأله: لمَ لا تأخذه إلى الطبيب البيطري ليراه ويخبرنا ما به، وإذا تحدَّث عن أحلامه وطموحه لا تحبطه، بل شجِّعه واستمع له لكي يجرِّب ويتعلَّم، ولا تعارض أبناءك كثيرًا حول ما يريدونه، فمن الممكن تقديم معلومات تفيدهم وتقبَّل شعوره وقتها، وصِف لهم مشكلة اختياراتهم هذه، أو أخبرهم بأنك لن ترفض، لكن اترك لي مساحة للتفكير في الأمر، وعلى الرغم من كل ذلك فإن الأهل يكون صعبًا عليهم أن يتركوا أبناءهم دون هُداهم، فهذا شعور معقد، لذا فعليهم المكافحة هم أيضًا لترك تعلُّقهم بهم جانبًا لأجل مصلحتهم في ما بعد.
أما مرحلة ما بعد استقلالية الاختيار يكون التشجيع والثناء وليس النقد أو التقييم طوال الوقت، والثناء يكون بوصف ما تراه جميلًا في ما فعله وشعورك الجميل تجاهه وتجاه فعله أو اختياره، ثم صِف سلوكه في كلمة واحدة، مع مراعاة أنك في كل سن تحتاج إلى ثناء مناسب له، فلا تمدحه بشكل يُذكِّره بفشله في الماضي، ولا تتحمَّس كثيرًا، بل اجعل ثناءك عفويًّا، وعليك أن تتوقَّع تكرار الفعل الذي أثنيت على طفلك فيه كثيرًا، فأبناؤنا يحبُّون أن نشعرهم أننا نتقبَّلهم بأي حال كان ونسعد بتصرُّفاتهم الطيبة.
الفكرة من كتاب كيف تتحدَّث فيصغي الصغار إليك وتُصغي إليهم عندما يتحدثون؟
خاضت الكاتبتان فترة طويلة من حياتيهما سعيًا للتعلُّم ولإيجاد طريقة مناسبة للآباء كي تخبراهم ماذا عليهم فعله مع أبنائهم، وقد كان هذا التساؤل وما زال صعبًا على أي مُحاضر تربوي أو مُربٍّ أو أي مسؤول ومهتم بالتربية، فقد قضى بعض الآباء ورش عمل كثيرة مع الدكتور هايم جينوت، وهو اختصاصي علم نفس الطفل والوالدين، واكتسبوا مهارات متعدِّدة للتعامل مع أنفسهم وأبنائهم، لكن تظلُّ علاقة الوالدين مع أطفالهم فريدة من نوعها حتى لو تشابهت المشكلات والمميزات تظل مثل البصمة لكل واحد منهم أمر خاص به، ولم يكن ولن يكون هناك نصائح محدَّدة في التربية، بل ربما سنطلق عليها نوعًا من الإطار أو التوصيات والإشارات إلى الطرق السليمة نفسيًّا في التعامل مع طفلك، وهذا ما سيأخذنا إليه هذا الكتاب اليوم حول مساعدة أطفالك على التعامل مع مشاعرهم والعقاب وغيره.
مؤلف كتاب كيف تتحدَّث فيصغي الصغار إليك وتُصغي إليهم عندما يتحدثون؟
إديل فابر: تخرَّجت في كلية كوينز بدرجة البكالوريوس في المسرح والدراما، وحصلت على درجة الماجستير في التربية من جامعة نيويورك، كما عملت بالتدريس في المدارس الثانوية بمدينة نيويورك لمدة ثماني سنوات، وكانت فابر أيضًا عضوًا سابقًا في هيئة التدريس في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية في نيويورك ومعهد الحياة الأسرية بجامعة لونغ آيلاند.
ولها مؤلفات عديدة أخرى مثل: “أشقاء بلا تنافس: كيف تساعد أطفالك على العيش معًا حتى تتمكَّن من العيش أيضًا”.
إلين مازليش: مؤلفة أمريكية، ومعلمة للوالدين، كتبت عن مساعدة الآباء والمعلمين على التواصل بشكل أفضل مع الأطفال، حصلت على شهادة في فنون المسرح من جامعة نيويورك، قبل أن تقضي وقتًا كاملًا في تربية أطفالها الثلاثة، عملت بتدريس وتطوير برامج درامية للأطفال في منازل المستوطنات في مدينة نيويورك.
ولها عدة مؤلفات منها: “الآباء المتحرِّرون، الأطفال المحررون: دليلك لعائلة أكثر سعادة”.
وقد اشتركتا في تأليف: “كيف تتحدث حتى يتمكَّن الأطفال من التعلم”، و”كيف تكون الوالد الذي تريده دائمًا”.
معلومات عن المترجمة:
فاطمة عصام صبري: مُترجمة، وعملت بالمكتبة المركزية جامعة دمشق، وترجمت العديد من الكتب والمقالات، ومن هذه الكتب: “كتاب “رموز العلم المقدس” لمؤلفه روني غينون، و”أسرار حرف النون” لمؤلفه روني غينون، و”مهد الحضارة الغربية في الشرق الأوسط” لمؤلفه جورج سارتون.