الاستبداد والترقي
الاستبداد والترقي
إن الأمة هي مجموعة أفراد يجمعها مُشترَك إنساني، فإذا ترقّى أو انحطّ أفراد الأمة ترقت أو انحطت هيئتها الاجتماعية، لذلك حالة الفرد الواحد من الأمة تؤثر في المجموع، فالترقّي درجات أدناها الترقّي في الجسم ثم العلم والقوة ثم النفس ثم العائلة والعشيرة وأخيرًا أعلى هذه الدرجات هي الترقي بالإنسانية، فيظلّ الإنسان يسعى إلى الترقّي في هذه الأنواع الستة ما لم يعترضه مانع يسلب إرادته، وهذا المانع إما القدر المحتوم أو الاستبداد.
إن الاستبداد يقلب الترقّي انحطاطًا والتقدم تأخرًا ويجعل الفجوة الاجتماعية بين مختلف الطبقات أكبر، فيصبح أفراد الأمة غير مستعدين لافتدائها بأرواحهم وأموالهم لأنهم يشعرون بهذا الانحطاط الذي ورثوه من الاستبداد.
إن الترقي في الاستقلال الشخصي في ظلال الحكومات العادلة هو معيشةٌ تشبه في بعض الوجوه ما وعدته الأديان لأهل السعادة في الجنة، حتى إن كل فرد يعيش كأنه خالدٌ بقومه ووطنه وأمين على كل مطلب، فلا هو يكلّف الحكومة شططًا ولا هي تهمله استحقارًا.
الفكرة من كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
إن الاستبداد هو أصل كل الشرور والأمراض الاجتماعية، فالاستبداد يدمّر الأخلاق ويبعد العوام عن التدين الحقيقي ويُغلّب التدين الظاهري، وكذلك يحارب على جعلهم جهلاء لا يعلمون شيئًا ولا يتعلمون، ويخلق أيضًا فجوة اقتصادية بين طبقات المجتمع بل ويساعد على تكديس الثروات في أيدي الأغنياء فقط، ويجعل الفقراء أكثر فقرًا، كما أنه يمثل العائق الرئيسي أمام التربية السليمة للأبناء على القيم والمُثُل العُليا، ويقدّم الكاتب مجموعة من الحلول العملية للخلاص من الاستبداد واستبداله بأنظمة عادلة.
مؤلف كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
عبد الرحمن أحمد بهائي محمد مسعود الكواكبي، وُلِد في التاسع من يوليو عام ١٨٥٥، في حلب بسوريا، وهو مفكّر مُصلح بدأ حياته بالعمل في الصحافة داعيًا للإصلاح والقومية العربية، فتعرض لكثير من المتاعب من قِبَل الدولة العثمانية، فسُجن عدة مرات وعاش شريدًا يطوف العالم العربي داعيًا إلى الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية وتجديد الدين، له كتابان مشهوران طبائع الاستبداد أشهرهما، توفّي في الثالث عشر من يونيو عام ١٩٠٢ بالقاهرة.