الارتقاء بالروح
الارتقاء بالروح
والصلاة في حقيقتها معراج للروح نحو الله (عز وجل)، وشفاء لما في الصدور ومداد للقلب، هي ملجأ المكروب وأمنه، وباب توبة النادمين، وهي العون على كدر الحياة ونصبها، يقول الله (عز وجل): ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، والصلاة حفظ للمرء عن الكبائر والمنكرات ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾، ففي الصلاة إن أقيمت على حقِّها استقامة لأحوال العبد، إذ هي تربيهِ وتصنعه وتنهاه وتأمره وترقى به.
تركع فتستشعر عظمة الله وتسجد فتكون أقرب ما يكون لربك فتسأله حاجتك، تتساقط عنك الذنوب كلما ركعت وسجدت، وتزول الهموم كلما ناجيت ودعوت، فيا لجمال الصلاة وعذوبتها، ويا لحرمان من لم يجاهد فيها نفسه ليبلغ حلاوتها.
يقول رسول الله ﷺ فيما رواه عن رب العزة تبارك وتعالى في الحديث القدسي: “قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجَّدني عبدي، وقال مرة: فوض إليَّ عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل”، فهل يبغي العبد من خالقه الرحيم الودود أجل وأرحم وأرجى من ذلك؟
الفكرة من كتاب الدين هو الصلاة.. والسجود لله باب الفرج
“الله أكبر، فتخلصُ النفس من خوفها لتأمن بالله.. الله أكبر، فتخلص الروح من حزنها ووحشتها لتأنس بالله.. الله أكبر، فتتحرر النفس من ضعفها وعجزها لتتقوى بالله.. الله أكبر، أنت في حما الله عز وجل الآن، تستمد منه القوة والملاذ، والأنس والجمال والجلال والسلام، فتنطلق للحياة بنفس ثابتة مطمئنة”.
بين أيدينا رسالة يقدمها الكاتب في فريضة الصلاة، مستمدًّا مادتها من كتاب الله وسنة نبيِّه، لبيان مركزيتها الكبرى ومنزلتها عند الله (عز وجل)، وما كان عليه النبي ﷺ وصحابته من قيام بحقها، ولبيان ثقلها في ميزان العبد إذ يُناط بها مصيره ويلحق بها سائر عمله.
مؤلف كتاب الدين هو الصلاة.. والسجود لله باب الفرج
فريد الأنصاري: كاتب مغربي، ولد عام 1960 وتُوفِّي عام 2009، وقد حصل على الدكتوراه في أصول الفقه من جامعة الحسن الثاني في المغرب، وعرف بأسلوبه الأدبي المميز وانطلاقه من مركزية الوحي والسنة النبوية في طرحه.
له عدد من الروايات والدواوين الشعرية، وصدر له عدد من الكتب منها:
البيان الدعوي وظاهرة التضخُّم السياسي
جمالية الدين: معارج القلب إلى حياة الروح
سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة