الاختيارات والتوقعات.. قوى مهمة تُؤثر في قراراتنا
الاختيارات والتوقعات.. قوى مهمة تُؤثر في قراراتنا
الاختيارات والتوقعات قوتان مهمتان من القوى المؤثرة في قراراتنا، لذا من المهم أن نفهمها جيدًا، ودعونا نبدأ بالاختيارات، ولدي لك سؤال: هل تحب أن ترى على رف أحد المحلات نوعًا واحدًا أم نوعين أم ثلاثة للمنتج نفسه؟ في أغلب الأحيان يميل الناس إلى أن تكون لديهم اختيارات متعددة، حتى يضمنوا حرية الاختيار، بالإضافة إلى أنهم يسعون لإبقاء أكبر قدر من الأبواب مفتوحًا حتى يستطيعوا اللجوء إليه متى أرادوا، لكن هل هذا يساعدهم فعلًا ويمنحهم الحرية التي يظنونها؟ في حقيقة الأمر تمنح الاختيارات قدرًا من الحرية، ولكنها في المقابل تجعل الفرد في حيرة كبيرة قد تمتص طاقته ووقته وجهده أو حتى تعطله عن اتخاذ قرار مناسب
وحرص الإنسان على ترك كل الأبواب مفتوحة يجعله في جري مستمر من هنا إلى هناك دون أن يحقق أي استفادة من الأبواب التي فتحها، وفي مجتمعاتنا المعاصرة تزداد حدة العجلة والتشتت والقفز بين المهام والأنشطة، بسبب الدعوة إلى تجربة كل شيء في الحياة والانفتاح على حيوات الآخرين والمقارنة المستمرة بين ما تملكه أنت وما يملكه غيرك. والحل للخروج من هذا كله أن نمتلك شجاعة التخلي ونغلق بعض الأبواب التي ليس لها مكان في حياتنا ونتركها غير آسفين، وأن نبدأ في تركيز جهدنا وطاقتنا على أبوابنا الأساسية.
هذا عن الاختيارات فماذا عن التوقعات؟ التوقعات قوة بالغة الأهمية، إذ تشكل فارقًا كبيرًا في التجارب الحياتية التي نخوضها، فمدى رضانا عن تجربة ما لا يعتمد على طبيعة التجربة ومستوى جودتها فحسب، وإنما يعتمد وربما بشكل أكبر على توقعاتنا وتصوراتنا المسبقة عن هذه التجربة. وهذه نقطة مهمة وأساسية تدور حولها أساليب الدعاية والتسويق، إذ تهدف إلى تقديم معلومات تزيد المتعة المتوقعة وتخلق صورًا ذهنية إيجابية عن المنتجات، وعندما نمتلك توقعًا معينًا نبدأ تلقائيًّا بالتصرف وفقه، كأننا مُبرمَجون! فالتوقعات الإيجابية عن منتج ما تتبعها على الأغلب آراء إيجابية، وهذا ما يجعل الإنسان غير قادر على التجرد من توقعاته وتصوراته المسبقة، ولكن ما يخفف وطأة الأمر أن يعترف الإنسان بتحيزه، وأن يتقبل وجهة النظر الأخرى ويتحلى بالمرونة في تغيير آرائه.
الفكرة من كتاب توقع لا عقلاني.. القوى الخفية التي تشكل قراراتنا
هل فكرت من قبل لماذا تقرر البدء في حمية غذائية ثم بعد يومين تنهار قواك أمام وجبة شهية؟ ولماذا تتسم أفكارك بالعقلانية ما دمت هادئًا وجالسًا في مكانك، بينما مع أول انفعال تفقد عقلانيتك وتتصرف بطرق لا تتوقعها؟ أو هل فكرت في قدرة المنتجات المجانية على جذبك وعلو المنتجات الباهظة الثمن في نظرك؟ حسنًا، عندي لك سؤال أخير، هل خطر ببالك كيف تؤثر الاختيارات المتعددة والتوقعات المختلفة في قراراتنا؟ سواء فكرت بذلك كله أم لم تفكر فأنا على ثقة بأنك ستنظر إلى هذا كله بشكل جديد ومختلف تمامًا بعد أن تتعرف معي أفكار هذا الكتاب وإجاباته.
مؤلف كتاب توقع لا عقلاني.. القوى الخفية التي تشكل قراراتنا
دان آریلي: أستاذ علم النفس والاقتصاد السلوكي في جامعة ديوك وحاصل على درجة الدكتوراه في كل من علم النفس المعرفي وإدارة الأعمال. نشرت أعماله في العديد من المجلات العلمية البارزة والمؤسسات الإعلامية الشهيرة مثل: New York Times وWashington Post وScientific American وScience. ومن مؤلفاته:
The (Honest) Truth About Dishonesty: How We Lie to Everyone – Especially Ourselves
The Upside of Irrationality: The Unexpected Benefits of Defying Logic
Misbelief: What Makes Rational People Believe Irrational Things