الاختلاف بين التفاعل وجهًا لوجه والتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي
الاختلاف بين التفاعل وجهًا لوجه والتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي
يُعرف “الكشف عن الذات” بأنه عملية جعل الذات معلومة للآخرين الذين نتواصل معهم، بينما يُعرف “تقديم الذات” بأنه عملية التحكُّم في الانطباعات التي يكوِّنها الآخرون عنّا في أثناء التفاعل معهم، وبالنظر إلى ما يقوم به الأشخاص على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، نجد أن أكثرهم يهدفون إلى خلق صورة معينة عن أنفسهم، ومن ثمَّ تترسخ هذه الصورة في أذهان متابعيهم، ووُجد أن التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي كثيرًا ما يأخذ شكلًا “مثاليًّا”، وهذا راجع إلى أن الأشخاص يتمتعون بميزة “الزمن المتاح” الذي يمكنهم من صياغة ما يريدون قوله في أفضل صياغة.
وهنا يكمن الخلل في التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأن تبادل أي محتوًى رمزي في الواقع يحتاج إلى أن يكون طرفا عملية التواصل موجودين وجهًا لوجه، ما يعني وحدة الزمان والمكان، بينما استعمال مواقع التواصل الاجتماعي يجعل المحتوى ينتقل إلى مسافات أماكن مختلفة، والاطلاع عليها في أزمنة مختلفة أيضًا، ما يعني انفصال الزمان الذي نُشر فيه المحتوى عن الظرف الذي يقتضي وحدة المكان، ومن ثمَّ يصبح من الراجح حدوث كثير من الأضرار التي يمكن أن يتعرَّض لها المستخدمون، ومثال على ذلك ما حدث مع “أندرو فيلدمار” الذي كتب عن تعاطيه لعقار LSD في الستينيات من القرن الماضي، وبعد مرور أربعة عقود، عندما أراد الذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية وجد نفسه ممنوعًا من دخولها بسبب تعاطيه لهذا العقار، وبناءً على ذلك نجد أنفسنا في أمسّ الحاجة إلى أن نكون أكثر حرصًا خصوصًا إذا علمنا أنه بعد مرور سنوات بل وعقود سوف يكون هناك من يقيّم كلماتنا متجاهلًا زمان ما قلناه ومكانه، ومن ثم فإن أكبر أخطائنا أننا نُركز على “التلقي الأولي” الذي يحدث في زمن قريب من زمن نشر المنشور، بينما نغفل عن “التلقي الثانوي” الذي يحدث في زمن بعيد عن نشرنا للمنشور.
والمخاطر والأضرار لا تتوقف عند الحكم على الأشخاص من خلال ما يكتبونه أو ينشرونه على صفحاتهم، إذ يمكن أن يُحكم عليهم من خلال الكتب والمواضيع الإخبارية والثقافية التي ينشرونها، وأكثر من ذلك؛ وجدت إحدى الدراسات المسحية أنه من الممكن توقع ما إذا كان الشخص شاذًّا جنسيًّا أم لا من خلال عدد أصدقائه على فيسبوك الذين أعلنوا عن شذوذهم، كما كشفت دراسات مسحية أخرى أن من الممكن معرفة أصل الشخص العرقي أو انتمائه السياسي من خلال المنشورات التي سجل إعجابه بها.
الفكرة من كتاب حين شاركنا حياتنا عبر الإنترنت: مخاطر كشف غطاء الخصوصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي
يُبين الكاتب في هذا الكتاب مجموعة من الموضوعات المتعلقة بالخصوصية، ويُركز على الآثار السلبية والمخاطر المترتبة على ما يفعله عديد من الناس على وسائل التواصل الاجتماعي من مشاركة حياتهم الخاصة والكشف عن الذات والهوية، وفي هذا الجانب يستعرض الكاتب مجموعة من المواقف التي تعرَّض لها عديد من الناس نتيجة ما ينشرونه عن ذواتهم على الإنترنت، وخصوصًا مواقع التواصل الاجتماعي، وأثر ذلك في مجال عملهم ودراستهم وحياتهم بشكل عام.
مؤلف كتاب حين شاركنا حياتنا عبر الإنترنت: مخاطر كشف غطاء الخصوصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي
ديفيد أر. بريك : هو باحث وأكاديمي حاصل على درجة الدكتوراه في وسائل التواصل الاجتماعي من كلية لندن للاقتصاد، كما أنه يعمل محررًا وصحفيًّا ومراسلًا لعديد من المؤسسات العريقة حول العالم مثل بي. بي. سي، ومجلة نيو ساينتيست، كما أنه يعمل محاضرًا في عدد من الجامعات، تتناول أبحاث بريك أثر وسائل التواصل الاجتماعي في حياة الفرد والمجتمع.
معلومات عن المترجم:
د. أحمد محمد مصطفى: مترجم، من أعماله المُترجمة الأخرى:
سباق السرعة: حل المشكلات الكبرى واختبار الأفكار الجديدة في خمسة أيام فقط.