الاحتكام إلى السلطة والشفقة
الاحتكام إلى السلطة والشفقة
من ضمن السفسطات الشهيرة أيضًا سفسطة الاحتكام إلى السلطة، والاحتكام إلى السلطة لا يعد مغالطة دائمًا، فإننا نذهب إلى الطبيب (سلطة) ونقتنع بكلامه، ونفعل ما يقوله، ونحن لا ندري أحقًّا ما يقول أم لا، وكذلك نحن نتلمَّس أحكام الله عند الفقيه ولا ندري أينقل بصدق عن الله أم لا، ولكننا نسلِّم بذلك لأسباب كثيرة من بينها أنه لا يمكن أن تسير الحياة بالشك في الجميع، ولا يمكننا تعلم كل العلوم، لذا نثق بالمتخصص صاحب السلطة رغمًا عنا.
ومن هنا نقول إن الاحتكام إلى السلطة ليس دائمًا مغالطة، وإنما تعد مغالطة إذا احتكمنا إلى السلطة في ما لا ضرورة فيه، كشيء يمكننا أن نتأكد منه بأنفسنا ولكـننا نخفِّف الحمل على كواهلنا، أو إذا احتكمنا إلى الشخص في شيء غير مجال خبرته، كأن نحتكم إلى مدرب كرة قدم مشهور في شيء طبي، أو نتلمَّس رأي طبيب في مسألة سياسية، لا لشيء إلا لأنه مشهور ومتميز في مجاله، فإن كان الشخص مشهورًا في مجاله فهو يعد طفلًا في مجالات لا يعرفها، كذلك تكون مغالطة إن احتكمنا إلى الشخص المتخصص في شيء فيه اختلاف بين أهل التخصص، وكذلك لو كان الشخص صاحب مصلحة، أو مشكوكًا في أمره، فإن هذه تعد مغالطة.
أما الاحتكام إلى الشفقة فهو أن نقبل الفكرة أو نرفضها بدافع من الشفقة، كأن تأتي طالبة إلى مدرسها وتطلب منه أن يعطيها الدرجة النهائية في الاختبار لأن جدَّتها إن علمت أنها لم تنجح فربما تموت من جراء هذا الفعل، وهو ما لا ينبغي أن يفعل بحكم التزامه الأخلاقي.
الفكرة من كتاب الحِجَاج والمغالطة
خطيب مفوَّه قادر على هزيمة متخصِّص في الطب أو الهندسة أو الفلك، حتى لو كان مدار النقاش في تخصُّص هؤلاء جميعًا، والرد على مغالطات منطقية هنا وهناك، من كذب ودجل ومعلومات خاطئة، فكيف يمكن للإنسان أن يفكر في عالم اليوم، وسط كل هذا الكم المختلف المضطرب المتناقض من البيانات والمعلومات المتناثرة يمينًا ويسارًا؟ كيف يمكن أن تضع قدمك على بداية طريق التعلم والمعرفة، وكيف تتخلَّص من مرحلة الشك، وما سبيلك إلى أول قدم من سلم اليقين، هذا ما يحاول كاتبنا الإجابة عنه في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب الحِجَاج والمغالطة
رشيد الراضي: كاتب مغربي، ولد في 20 مايو 1974، ودرس الفلسفة في مدينة أصيلة، ودرس مادة علوم التربية في المركز التربوي الجهوي بمدينة سطات المغربية، يحمل إجازة في الفلسفة من كلية الآداب جامعة الملك محمد الخامس في الرباط، ودبلوم الدراسات العليا في مناهج المنطق.
من أهم كتبه: المظاهر اللغوية للحجاج: مدخل إلى الحجاجيات اللسانية.