الاتفاقيات الدولية لملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية

الاتفاقيات الدولية لملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية
وُقعت اتفاقيات عديدة لضمان التعاون الدولي في قمع الانتهاكات وملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية ومنها: اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تُلزم الدولة بمحاكمة الشخص المُشتبه بارتكابه الجرائم المنصوص عليها حال خضوعه لولايتها القضائية أو تسليمه إلى الجهات المختصة، وإذا كانت إسرائيل لم تصدق على تلك الاتفاقية لأسباب ليست خافية، فقد وقعت على اتفاقيات أخرى، منها: اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها، التي تنص على أن “يتحاكم الأشخاص المتهمون بارتكاب الإبادة أمام محكمة مختصة من محاكم الدولة التي ارتُكب الفعل على أرضها، أو أمام محكمة جزائية دولية تكون ذات اختصاص إزاء من يكون من الأطراف المتعاقدة قد اعترف بولايتها”

وقد صدقت إسرائيل عليها سنة 1950م ما يعني أنها أحد أطرافها. الاتفاقية الثانية هي اتفاقية جنيف الرابعة سنة 1949م، التي تنص على أنه “على كل طرف متعاقد مسؤولية ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم حرب وتقديمهم إلى المحاكمة أيًّا كانت جنسيتهم”، وقد صدقت إسرائيل عليها سنة 1951م، ما يجعلها ملزمة بمحاكمة المتهمين من جنودها وقادتها، لكنها تراوغ هذه المرة بادعاء أن الاتفاقية لا تنطبق على أراضي الضفة والقطاع، لكونها أراضيَ متنازعًا عليها وليست أراضي محتلةً رغم أن القانون الدولي يعدها أراضي محتلة.
وهناك اتفاقية ثالثة تعد إسرائيل أيضًا طرفًا فيها وهي اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح، التي تضمن حماية المباني التاريخية والدينية والأثرية والمتاحف ودور الكتب الكبرى ومخازن المحفوظات. أما الاتفاقية الأهم والأشمل فهي نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تعمل على تأسيس محكمة جنائية دائمة تحاكم الجرائم التي ترتكب بعد دخول المحكمة حيز التنفيذ، وتختص المحكمة بجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان، التي ارتُكبت جميعها على أرض فلسطين، واتفاقيات أخرى كثيرة قامت على المبدأ نفسه وتنوعت في العقاب الجزائي بين التحقيق والتسليم والمحاكمة، لكن يعيبها عدم تحديد ضمانات التنفيذ مما يعطي الفرص للدول للتذرع بمبدأ السيادة أو حصانة مسؤوليها، ما يجعل تلك الاتفاقيات نصوصًا جامدة لن تكفل حق الفلسطينيين، ما لم يبذل المعنيون جهدًا سياسيًّا ودبلوماسيًّا على الصعيدين الفلسطيني والعربي.
الفكرة من كتاب كيف نقاضي إسرائيل؟ المقاضاة الدولية لإسرائيل وقادتها على جرائمهم بحق الفلسطينيين
أفادت إحدى الدراسات التي حللت الحروب بين عامي 1900 و2003م عدم وجود أي دليل على أن الدول الموقعة على اتفاقيات القانون الدولي الإنساني قتلت أعدادًا من المدنيين في حروبها أقل من التي قتلتها الدول غير الموقعة، وربما كانت إسرائيل واحدة من الدول التي اختصت بها الدراسة، فقد قتلت في حروبها أعدادًا لا تحصى من الأبرياء وقصفت المستشفيات والملاجئ والمدارس، لكنها لم تعاقب رغم أنها طرف في معظم اتفاقيات القانون الدولي، ما يدفع المرء للتساؤل: هل إسرائيل دولة فوق القانون تفعل ما تشاء دون اكتراث للعواقب؟ هل الخلل في القانون الدولي أم في تطبيقه؟ أم إن القيادة الفلسطينية والعربية لا تريد المضي قدمًا في هذا الطريق تجنبًا لغضب الولايات المتحدة؟ عن هذا وذاك يجيب الكتاب.
مؤلف كتاب كيف نقاضي إسرائيل؟ المقاضاة الدولية لإسرائيل وقادتها على جرائمهم بحق الفلسطينيين
د. سعيد طلال الدهشان: مواطن فلسطيني ولد في مدينة غزة عام 1972م، ونال درجة الدكتوراه في حقوق الإنسان من جامعة الجنان بلبنان عام 2016، ودرجة دكتوراه أخرى في القانون الدولي من جامعة العلوم الإسلامية بماليزيا عام 2019. استُشهد وعائلته على إثر قصف إسرائيلي في أكتوبر 2023م. نشر عدة كتب وأوراق بحثية منها:
التوارث الدولي للمعاهدات في فلسطين في حال زوال “دولة إسرائيل”.