الإيمان والطاعة غير المشروطة
الإيمان والطاعة غير المشروطة
يقتضي الإيمان بالغيب السمع والطاعة، والامتثال للأوامر حتى مع غياب الحكمة (مثل قصة ذبح البقرة)، والإيمان كذلك لا يُشترط فيه فهم الحكمة من التشريع، ففي أشواط الحج مثلًا تجد الحجاج يقبِّلون حجرًا لا ينفع ولا يضر -على حد تعبير عمر بن الخطاب-، ولا يفعلون ذلك مع حجر آخر، وإنما يرمونه، ولعلك تتساءل ما الفارق بين الحجرين؟
الفارق هو الطاعة المطلقة والامتثال التام، فالامتثال لأحكام الشرع ليس مشروطًا بإدراك الأضرار المادية للتشريع، ولعلك تلاحظ غياب هذا المفهوم تمامًا لدى بني إسرائيل، فقد كانوا مترددين في الأخذ بأوامر الله، وذلك عندما سألوا سيدنا موسى (عليه السلام) عن قاتل الجثة التي وجدوها، فأجابهم كما جاء في القرآن: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾، إلا أنهم لم يستجيبوا للتشريع بسهولة في بادئ الأمر، ولم يكونوا مقبلين مستسلمين لله.
ومن مقتضيات الطاعة غير المشروطة أيضًا: تهذيب النفس على عدم تمكُّن الدنيا من القلب، واستغلال الفرص التي يمنحها الله لعباده، والتي يُمحِّص بها العمل، فالفرص إنما هي حجج علينا، ومن مقتضياتها أيضًا؛ الشمول، فإن أثر الإسلام لا يُرى إلا إذا طُبِّق في معاملات المسلم كافة، فالإيمان ليس أمرًا روحانيًّا أو قوة عاطفية تفور لنبكي بسببها، وإنما هو قوة في الأفعال مُستمدة من تشريعٍ سماوي.
الفكرة من كتاب وقت مستقطع.. تأملات قرآنية في واقع مضطرب
يهدف المؤلف إلى تصحيح بعض الموازين المغلوطة عند الناس، وذلك عن طريق استقطاع بعض من الوقت للوقوف على تلك الإشكاليات، مُستندًا إلى أضواء من الكتاب والسنة المحمدية؛ بهدف ضبط بوصلة الفرد المسلم، ومنها إلى الارتقاء بالمجتمع الإسلامي ككل، مؤكدًا أهمية حرص المسلم على تحصيل حد أدنى من العلوم الشرعية في الأصول الأساسية، والتي لا غنى عنها لكل فرد، مع الصبر على الفتن ومواجهة التحديات التي تصيب الإنسان كجزء والمجتمع ككل.
مؤلف كتاب وقت مستقطع.. تأملات قرآنية في واقع مضطرب
معتز عبد الرحمن: مهندس إنشائي مصري، تخرج في كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 2007، له العديد من المقالات المنشورة في مواقع إلكترونية مختلفة، مثل: البديل ومنبر الشرق، وقصة الإسلام.
للمؤلف كتابان: “وقت مستقطع.. تأملات قرآنية في واقع مضطرب”، و”أزمة البخاري”.